قال ابن مالك : «وبعد لو لا غالبا حذف الخبر». وأيضا تأتي للتحضيض ، أي للحض على الفعل ، وتختص بالدخول على المضارع أو ما في معناه ـ كما قال ابن هشام في المغني ـ مثل لو لا تستغفرون ، أي هلا تستغفرون.
المعنى :
(وَقالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللهُ أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ). ان الذين تمادوا في العتو والعناد ، قالوا لرسول الله (ص) : لن نؤمن لك ، حتى يقول الله لنا مشافهة : انك نبي ، أو يرسل إلينا ملكا يخبرنا بذلك ، أو تأتي بما نقترحه عليك من الآيات ، مثل ما حكاه الله عنهم في الآية ٩٠ وما بعدها من الاسراء : (وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) ـ الى قوله ـ (أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ).
وقد أجاب الله عن ذلك بقوله : (كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ). أي ان هذا التمادي في اقتراح الأباطيل لا يختص بمن اقترحها على رسول الله (ص). فان قوم موسى قالوا له : (أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً). وقالوا أيضا : (اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ). وقالت النصارى لعيسى : (هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ) .. وهذا هو وجه الشبه بين من اقترح على محمد (ص) ، وبين من اقترح على موسى وعيسى (ع) ، الشبه الذي أشار اليه سبحانه بقوله : (تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ).
والمعقول الذي تجب اجابته إذا طلب هو ان يؤيد الله رسوله بالبينات والدلائل التي لا تدع مجالا للشك في نفس من خلصت نفسه من الشوائب والكدورات ، وتجرد للحقّ لوجه الحق ، وقد فعل الله ذلك ، وبين الدليل الكافي الوافي على نبوة محمد ، أما طلب الزيادة فتعنت ومكابرة .. وبديهة ان المعاند اللجوج لا تجب اجابته .. بل يهمل ويعرض عنه .. والقوم الموقنون هم الذين يطلبون اليقين من وجهه والطريق الذي من شأنه أن يؤدي اليه.