لا تكون الا بجعل من الله سبحانه ، ويؤيده طلب ابراهيم منه جل وعز ان يجعل أئمة من ذريته ، وإذا كانت الإمامة بالجعل منه تعالى احتاجت بحكم الطبيعة الى النص منه.
وأيضا استدل الشيعة الإمامية بقوله تعالى : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) على وجوب العصمة للنبي والوصي ، ووجه الدلالة ان الله قد بيّن صراحة انه لا يعهد بالإمامة الى ظالم ، والظالم من ارتكب معصية في حياته مهما كان نوعها ، حتى ولو تاب بعدها ، حيث يصدق عليه هذا الاسم ، ولو آنا ما ، ومن صدق عليه كذلك فلن يكون إماما.
وتشاء الصدف والظروف أن ينشأ غير علي في حجر الشرك والرجس ، وعبادة الأصنام ، وان ينغمس في أرجاس الجاهلية الى الآذان ، وان لا ينطق بالشهادة الا بعد أن عصي عوده ، وبعد أن شبعت الأصنام منه ، ومن سجوده لها ، وشاء الله لعلي بن أبي طالب أن ينشأ في حجر النبوة والطهر ، وان يكيّفه محمد (ص) وفقا لارادة الله ، وهو طري ندي ، وان ينزل الأصنام من على عروشها ، ويلقي بها تحت أقدام محمد.
وهنا سؤال نلقيه على كل عاقل منصف ، ليجيب عنه بوحي من عقله ووجدانه ، وهو :
مال لقاصر ورثه عن أبيه ، ولا بد له من ولي يحرص ويحافظ عليه ، ودار الأمر بين ان نولي عليه رجلا لم يعص الله طرفة عين مدى حياته ، لا صغيرا ، ولا كبيرا ، وبين أن نولي عليه رجلا عصاه أمدا طويلا ، وهو بالغ عاقل ، ثم تاب وأناب ، فأيهما نختار : الأول أو الثاني؟.
ويكفي دليلا على عصمة أهل البيت (ع) شهادة الله لهم بالعصمة في الآية ٣٣ من الأحزاب : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ، وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) .. وتكلمنا عن العصمة مفصلا عند تفسير الآية ٣٩ فقرة «عصمة الأنبياء». وفقرة «أهل البيت» فراجع ، وهذه الفقرة تتمة للفقرتين السابقتين.
وفكرة العصمة لا تختص بالشيعة وحدهم ، فان السنة قالوا بها ، ولكنهم جعلوها للامة ، مستندين الى حديث لم يثبت عند الشيعة ، وهو : «لا تجتمع أمتي على ضلالة» .. والمسيحيون قالوا بعصمة البابا ، والشيوعيون بعصمة ماركس