اللغة نسله ، وأيضا يطلق على مؤخر القدم ، وقد استعير هنا لمن يكفر بالله ورسوله ، لأن المنقلب على عقبه يترك ما بين يديه ، ويدبر عنه ، وحيث أن تارك الايمان هو بمنزلة المدبر عما بين يديه ، فوصف بذلك.
الإعراب :
كذلك الكاف بمعنى مثل ، ومحلها النصب نعتا لمصدر محذوف متصيد من جعلناكم ، والتقدير جعلناكم جعلا مثل ذلك .. وذلك اشارة الى الهداية ، ويأتي التوضيح عند التعرض للمعنى ، وجعلنا تحتاج الى مفعولين : والمفعول الأول هنا القبلة ، والثاني محذوف ، وهو الجهة ، والتي صفة للجهة ، والتقدير وما جعلنا القبلة الجهة التي كنت عليها إلا لنعلم .. وان كانت : (ان) مخففة من الثقيلة لا عمل لها. قال صاحب المغني : تهمل كثيرا ، وتعمل قليلا ، وكبيرة خبر كان ، ودخلت اللام على كبيرة للفرق وعدم اللبس بين «ان» المخففة المهملة ، وبين «ان» النافية.
المعنى :
(وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً). هذه الجملة بيان لقوله تعالى يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ، ووجه البيان ان الله سبحانه قد أنعم على أتباع محمد (ص) بالهداية ، وأبرز مظهر لهذه الهداية انه جعلهم في الدين معتدلين متوسطين بين الافراط الذي هو الزيادة ، كتعدد الآلهة ، وبين التفريط الذي هو النقص ، كالالحاد .. هذا من جهة العقيدة ، واما الاعتدال في الأخلاق فقد جمع لهم في تعاليمه وتوجيهاته بين حق الروح ، وحق الجسد ، فلا روحانية مقترة ، ولا مادية مسرفة ، بل تعادل وتوازن بينهما.
وقد استدل البعض بقوله تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) ، استدل به على حجة الإجماع ، وهو استدلال في غير محله ، لأن الآية لم ترد لبيان الإجماع ، وانه حجة ، أو ليس بحجة ..