الداعي وقوله : ادعوني استجب لكم ، ان الله يستجيب لكل من دعاه ، مع العلم بأن الإنسان يبالغ في الدعاء والتضرع فلا يجاب؟.
وأجاب المفسرون عن ذلك باجوبة شتى أنهاها بعضهم الى ست ، واتفقوا جميعا على ان المؤمن المطيع لله تستجاب دعوته دون سواه ، ويبطل هذا القول ان الله استجاب دعوة إبليس .. قال أنظرني الى يوم يبعثون قال انك من المنظرين.
ومهما يكن ، فان الجواب عن هذا السؤال يستدعي التفصيل على الوجه التالي : ١ ـ أن يطلب العبد من ربه ما يتنافى مع العادات وسنن الطبيعة ، كطلب الرزق من غير السعي ، والعلم من غير تعلم ، وما الى ذاك من إيجاد المسببات بلا أسبابها ، ودخول البيوت من حيطانها ، لا من أبوابها .. وليس هذا من الدعاء في شيء ، أو هو من دعاء الجاهل بالله وحكمته وسننه ، فان لله سنة في خلقه ، (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً) ـ الفتح ٢٣.
٢ ـ أن يطلب في دعائه التوفيق والهداية الى احكام الدين ، وعمل الخير ، وفعل الواجبات ، وترك المعاصي والمحرمات : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) ، واجتناب الشرور والآفات : (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ) ، وان يهيئ له الله أسباب النجاح في الرزق والعلم والصحة : (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي) ، على أن يعمل الداعي جاهدا مخلصا متوكلا على الله وحده .. وهذا هو مسؤول الأنبياء والصالحين ، والمقصود من دعائهم.
٣ ـ ينبغي قبل كل شيء أن نتنبه ، ولا نذهل عن هذه الحقيقة التي نراها ونشاهدها بالعيان ، وهي ان الله سبحانه يعطي من سأله ، ومن لم يسأله تحننا منه وكرما ، وانه يهب الملك لمن يشاء ، ويمنع الملك عمن يشاء ، ويذل من يشاء ، ويعز من يشاء من غير دعاء .. وعليه فليس معنى قوله تعالى : أجيب دعوة الداعي إذا دعان أنه لا يعطي إلا من دعاه ، ولا معنى قوله : ان رحمة الله قريب من المحسنين ، أن رحمة الله هذه بعيدة عن المسيئين .. كلا .. ان رحمته وسعت كل شيء ، وما كان عطاء ربك محظورا.
وتجمل الاشارة الى أنه قد جاء في بعض الروايات دعاء لوجع البطن ، وآخر لوجع الظهر ، وثالث للعين والضرس ، وما اليه .. وهذه الروايات اما موضوعة ،