بالمزدلفة ، والوقوف فيها واجب ، تماما كالوقوف في عرفات.
(ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ). قيل : ان قريشا كانوا لا يقفون مع الناس بعرفات ترفعا وتكبرا ، فأمر الله نبيه أن يقف بها ويخرج منها مع الناس ، ليبطل ما كانت عليه قريش.
(فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً). جاء عن الإمام الباقر أبي الإمام الصادق (ع) : انهم كانوا إذا فرغوا من الحج يجتمعون هناك ، ويذكرون مفاخر آبائهم ومآثرهم ، فأمرهم الله سبحانه أن يتركوا ذلك ، ويذكروا الله ونعمه عليهم ، لأنه هو المنعم الأول عليهم وعلى آبائهم.
(فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ. أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ). الناس في حجهم نوعان : نوع لا يطلب إلا متاع الدنيا ، ولا همّ له إلا همها ، وإذا عبد الله فإنما يعبده من أجلها. وهذا النوع محروم من نعيم الآخرة ، ونوع يطلب خير الدارين ، ويعمل لدنياه وآخرته ، ولهذا حظ وافر عند الله غدا جزاء على صالح أعماله. ونقل صاحب تفسير روح البيان عن الإمام علي بن أبي طالب (ع) ان الحسنة في الدنيا هي المرأة الصالحة ، وفي الآخرة الحوراء ، أما عذاب النار فالمراد به المرأة السوء .. وسواء أصح هذا النقل عن الإمام ، أم لم يصح فاني أعرف إنسانا يشعر من أعماق نفسه انه لو كان في جهنم ، ثم خيّر بين الخروج منها على أن يعود الى زوجته التي عاشرها في الدنيا ، وبين البقاء في جهنم لاختار البقاء في جهنم على معاشرة تلك الزوجة التي أبدله الله بخير منها ..
(وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ). المراد بها أيام التشريق ، وهي اليوم الحادي عشر ، والثاني عشر ، والثالث عشر من ذي الحجة ، ولا يجب على الحاج المبيت بمنى ليلة الثالث عشر ، على شريطة أن يخرج من منى في اليوم الثاني عشر بعد الزوال ، وقبل المغيب ، وأن يكون قد اتقى الصيد والنساء ، وهو محرم ، وفي هذا تجد تفسير قوله تعالى : (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى). أي اتقى الصيد والنساء في إحرامه ..