وعلى هذا يكون المراد بالمطلقات في الآية من دخل بها الزوج بعد أن أكملت التسع ، ولم تكن حاملا ، ولا آيسة ، وكانت من ذوات الحيض .. وقد فسر الإمامية والمالكية والشافعية ـ فسروا القرء بالطهر ، والمراد بالطهر أيام النقاء بين الحيضتين ، فإذا طلقها في آخر لحظة من طهرها احتسب من العدة ، وأكملت بعده طهرين ، أما الحنفية والحنابلة فقد فسروا القرء بالحيض ، وعليه فلا بد من ثلاث حيضات بعد الطلاق.
(وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَّ). وفهم هذه الجملة على حقيقتها يتوقف على التمهيد بما يلي :
قسّم فقهاء السنة الطلاق إلى قسمين : سنة وبدعة .. ونترك تفسير طلاق السنة ، وطلاق البدعة إلى فقهاء السنة أنفسهم ، فلقد جاء في كتاب المغني لابن قدامة ج ٧ ص ٩٨ الطبعة الثالثة ما نصه بالحرف : «معنى طلاق السنة الطلاق الذي وافق أمر الله ، وأمر رسوله ، وهو الطلاق في طهر لم يصبها فيه». وفي ص ٩٩ من الكتاب المذكور : «ان طلاق البدعة هو أن يطلقها حائضا ، أو في طهر أصابها فيه». وقال الرازي في تفسير الآية ١ من سورة الطلاق : «فالطلاق حال الطهر لازم ، وإلا لا يكون سنيا».
وعلى هذا يكون طلاق الزوجة في حال الحيض ، أو في طهر واقعها الزوج فيه طلاقا غير شرعي ، بل هو بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ، أما طلاقها في طهر لم يواقعها فيه فهو على سنة الله ورسوله ، وبهذا يتضح السر في قوله تعالى : (وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَّ) من الطهر والحيض ، لأن معرفة وقوع الطلاق على سنة الله ورسوله ، أو على البدعة والضلالة تتوقف على معرفة حال المطلقة ، وانها هل هي طاهر أو حائض .. وبديهة ان السبيل إلى معرفة هذين الوصفين ، وهما الطهر والحيض منحصر بالمرأة ، ولا وسيلة للمعرفة بالوصفين إلا هي بالذات ، ولذا تصدق فيهما ما لم يعلم كذبها ، قال الإمام جعفر الصادق (ع) : فوض الله الى النساء ثلاثة أشياء : الطهر والحيض والحمل ، وفي رواية ثانية والعدة.
والشيعة يتفقون مع السنة على أن الطلاق إذا وقع في الحيض ، أو في طهر واقعها فيه يكون بدعة ، وإذا وقع في طهر لم يواقعها فيه يكون على سنة