الآخر متخذا الإضرار بالولد وسيلة لهذه الغاية ، وبالنتيجة يذهب الطفل ضحية شقاقهما ونزاعهما .. ومثال تعمد الأم إيذاء الأب بسبب إيصال الضرر الى الولد أن تمتنع عن ارضاعه ، مع حاجته الى الرضاعة ، تمتنع لا لشيء الا تعجيزا للأب .. ومثال تعمد الأب إيذاء الأم أن ينتزع الولد منها ، ويعطيه الى أجنبية ترضعه ، مع رغبة الأم في إمساكه وارضاعه.
وقد نهى الله جل وعز عن الإضرار بشتى أنواعه ، سواء توجه ابتداء الى الطفل ، أم الى الوالد ، أم الوالدة بسبب الطفل. هذا هو المتبادر من قوله تعالى : (لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ). ولا يتنافى مع قول المفسرين ، ويتنافى مع استشهاد القضاة ، وان كان قولهم صحيحا في ذاته ، ولكن الخطأ في الاستشهاد.
وتسأل : ان لفظ تضار يفيد المشاركة ، كالمكالمة ، مع العلم بأن القصد هو الإضرار من طرف واحد ، وبتعبير أخصر : لم قال تضار ، والفعل واحد؟ على حد تعبير الرازي.
الجواب : ان تعمد أحد الوالدين الإضرار بالآخر بسبب الولد هو في نفس الوقت تعمد للإضرار بنفسه ، لأن ضرر الولد ضرر للوالدين ، بل أشد وأعظم.
(وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ). اختلفوا في المراد من الوارث ، هل هو وارث الأب ، أو وارث الابن؟ وسياق الكلام يرجح انه وارث المولود له ، وهو الأب ، لأن الكلام فيه ، ولكن المعنى لا يستقيم ، لأن الطفل والأم من جملة ورثة الأب ، ولأن قوله تعالى : (مِثْلُ ذلِكَ) اشارة إلى أنه يجب على وارث الأب من النفقة مثل ما يجب على الأب ، وبالنتيجة يكون المعنى ان نفقة الأم واجبة على الأم ، وأيضا على رضيعها ، وعلى بقية الورثة ، ان كانوا هناك ، مع العلم بأن الأم لا تجب نفقتها على أحد إذا كان لها ما تنفقه على نفسها ، سواء اتصل اليها المال من ميراثها من زوجها ، أو من سبيل آخر .. هذا ، إلى أنه لا معنى لوجوب إنفاقها على نفسها من مالها.
وإذا فسرنا الوارث بوارث الابن نخالف الظاهر من جهة ، والواقع من جهة ثانية ، لأن نفقة الأم لا تجب على من يرث ابنها .. أجل ، يجب لأمه في ماله