يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) ـ البقرة ٢٣٣». والثانية التي جعلت للزوجة نصيبا من تركة زوجها ، وهي قوله سبحانه : (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ) ـ النساء ١٢». وعليه ، فان المرأة تنفق على نفسها من نصيبها.
ومع العلم بأن هذه الآية منسوخة قطعا نشرع بتفسيرها كما فعل المفسرون : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ). اي يشرفون على الموت ، من باب تسمية الشيء باسم ما يؤول اليه. (وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ). كان يجب ـ قبل النسخ ـ على الذين تظهر لهم أمارات الموت أن يوصوا لأزواجهم بأن يمتعن بعدهم حولا كاملا بالنفقة والسكنى. (غير إخراج). أي انما تجب لهن النفقة حولا إذا أردن الاقامة في دار الميت ، أما إذا خرجن من تلقائهن فتسقط النفقة ، والى هذا أشار سبحانه بقوله : (فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ). انكم غير مسؤولين عن نفقتهن ، ما دمتم لم تخرجوهن قبل الحول .. وبكلمة تجب النفقة لهن بالاقامة الاختيارية الى الحول ، فان خرجن قبله سقط الوجوب.
(فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ). إذا خرجت المرأة من دار الميت فلها ن تترك الحداد ، وتتزين ، وتتعرض للخطّاب ضمن الحدود الشرعية .. والمفهوم من هذا ان التي مات زوجها كانت مخيرة بين الاقامة في بيته حولا ، وتستحق النفقة بذلك ، وبين أن تخرج منه ، ولا شيء لها ، ولا سبيل لأحد عليها.
(وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ). المراد بالمتاع المنحة يعطيها المطلق لمطلقته ، مع مراعاة حاله عسرا ويسرا ، كما سبق في الآية ٢٣٦. ولفظ المطلقات عام يشمل كل مطلقة ، وهي على أربعة أقسام :
١ ـ مطلقة مدخول بها ، وقد فرض لها مهر معين في متن العقد ، وهذه لها كل المهر المفروض. قال تعالى : (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً) ـ البقرة ٢٩».
٢ ـ مطلقة غير مدخول بها ، وقد فرض لها مهر معين ، ولها نصف المهر المفروض. قال سبحانه : (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ) ـ البقرة ٢٣٧».