الإعراب :
وهم ألوف جملة حالية ، وحذر الموت مفعول من أجله.
المعنى :
لقد أطال المفسرون الكلام حول هذه الآية ، وقال أكثرهم : انها تشير إلى قصة تاريخية ، وسودوا الصفحات في تصوير هذه القصة .. فبعضهم قال بما يتلخص : ان قوما من بني إسرائيل أمروا بجهاد عدوهم ، فخافوا الموت بالقتال ، فخرجوا من ديارهم فرارا من الموت ، فأماتهم الله ليعرّفهم انه لا ينجيهم من الموت شيء ، ثم أحياهم ليعتبروا ويستوفوا ما بقي من أعمارهم .. ومن أطرف ما قرأته في تفسيرها ان أحد المفسرين قال : ان الموت نوعان : موت عقوبة ، وهو الذي يحيا الميت بعده في هذه الدنيا ، وموت أجل ، وهو الذي لا حياة بعده إلا في الآخرة.
وقال آخرون : فروا من مرض الطاعون ، لا من جهاد عدوهم.
وفسر محيي الدين بن عربي الآية تفسيرا صوفيا على طريقته ، حيث قال : ان الله أماتهم بالجهل ، وأحياهم بالعلم والعقل.
وحمل الشيخ محمد عبده الآية ـ كما في تفسير المنار ـ على انها تمثيل للاعتبار والعظة ، وليست اشارة الى قصة واقعة حقيقة ، وان الهدف من هذه الاشارة هو بيان سنة الله في الأمم ، وان الأمة التي تجاهد ، وتستميت في الدفاع عن حقها تحيا حياة طيبة ، وان الأمة التي تجبن وتستسلم للظلم تحيا حياة الذل والهوان ، فقوله تعالى : (مُوتُوا). أي عيشوا بالاستعباد والاضطهاد ، لجبنكم ، لأن مثل هذا العيش موت لا حياة ، وقوله : (ثُمَّ أَحْياهُمْ). أي عاشوا عيش الحرية والكرامة لجهادهم ودفاعهم عن حقهم.
هذا تلخيص موجز جدا لرأي الشيخ محمد عبده الذي شرحه بكلام طويل ، وهو ـ كما ترى ـ من وحي وعيه النير ، ورسالته الاصلاحية ، لا من وحي دلالة اللفظ. ان رأيه هذا صحيح في ذاته ، وانساني من غير شك ، ولكنه بعيد