بخاتم النبيين ، لقوله عز وجل : (رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) ـ الأحزاب ٤٠».
وقد ذكر الله سبحانه بعض الأنبياء المفضلين ، أو بعض الخصائص لبعض الأنبياء بقوله : (مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ). وهو موسى بن عمران بالاتفاق. (وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ).
قال صاحب تفسير المنار : ذهب جمهور المفسرين الى أن المراد به نبينا .. وقال الرازي: أجمعت الأمة على ان محمدا أفضل الأنبياء ، واستدل على ذلك بتسعة عشر دليلا .. منها ان علي بن أبي طالب ظهر من بعيد ، فقال النبي (ص) : هذا سيد العرب ، فقالت عائشة : ألست أنت سيد العرب؟. فقال : أنا سيد العالمين ، وهو سيد العرب.
وخير ما يستدل به على أفضلية الرسول على جميع الأنبياء والمصلحين شريعته في سعتها وسماحتها وانسانيتها (١).
(وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ). البينات هنا الدلائل التي تظهر الحق ، كإحياء الموتى ، وشفاء المرضى ، وخلق الطير من الطين ، وما اليه .. والمراد بروح القدس هنا الروح الطيبة المقدسة ، ومر تفسيرها في الآية ٨٧.
(وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ). أي ان الرسل بعد أن جاءوا بالبينات ، واوضحوا الحقائق بالدلائل والبراهين اختلف أقوامهم من بعدهم (فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ).
وتسأل : ان قوله تعالى : (وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا) يدل على ان الإنسان مسير غير مخير .. وان في تكرار هذه الجملة تأكيدا لنسبة الاقتتال الى مشيئته سبحانه؟.
__________________
(١) تكلموا كثيرا عن سبب انحلال المسلمين ، وضعف الإسلام في نفوسهم ، وألفوا في ذلك العديد من الكتب ، وذكروا لذلك أكثر من سبب ، والذي نراه نحن ان السبب الأول والأخير هو إهمال الشريعة الإسلامية دراسة وعملا ، وقد أدرك الاستعمار هذه الحقيقة ، وعمل منذ وضع أقدامه في بلاد المسلمين على تنحية الشريعة الإسلامية عن المدارس ودور المحاكم ، وأحل محلها الشرائع الوضعية والاجنبية ، وبهذا أبعد المسلمين عن دينهم ، وقرآنهم وسنة نبيهم .. وربما تعرضنا لذلك بصورة أوسع حين تدعو الحاجة.