يعلم النفقة بأي دافع تكون ، ويجازي عليها ان خيرا فخير ، وان شرا فشر.
(وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ). المراد جميع الظالمين ، دون استثناء ، ومنهم الذين لا ينفقون إطلاقا ، أو ينفقون الرديء ، أو رياء ، أو يتبعون النفقة بالمنّ والأذى ، أو يضعونها في غير موضعها .. ومنهم أيضا الذين ينكثون العهد ، ولا يفون بالنذر ، كل هؤلاء ، ومن اليهم لا أعوان ولا شفعاء لهم يدفعون عنهم بأس الله وعقابه.
(إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ). أي لا كراهية في اظهار الصدقة ، ما دام القصد منها وجه الله سبحانه .. سئل الإمام أبو جعفر الصادق (ع) عن الرجل يعمل الشيء من الخير ، فيراه انسان ، فيسره ذلك؟. قال : لا بأس ، ما من أحد الا وهو يحب أن يظهر له في الناس الخير إذا لم يصنع ذلك لذلك.
(وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ). ليس من شك ان إخفاء الصدقة أفضل من ابدائها ، لبعدها عن شبهة الرياء ، واظهار حاجة الفقير أمام الناس ، وقد يكون في الإبداء مصلحة ، كما لو كان مدعاة للاسوة والاقتداء ، وعندها يكون الإبداء أفضل .. وقيل : ان إخفاء صدقة التطوع أفضل من ابدائها ، وبالعكس الصدقة المفروضة ، ولا نعرف حجة لهذا التفصيل ، وحديث : «صدقة السر تطفئ غضب الرب» يشمل الواجبة والمستحبة ، كما ان لفظ الفقراء في الآية يشمل الفقير المسلم ، وغير المسلم ، وقد أفتى الفقهاء بإعطاء الصدقة المستحبة لغير المسلم إذا كان محتاجا ، لقول الرسول الأعظم (ص) : «لكل كبد حرى أجر».
(وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ). من هنا للتبعيض ، أي بعض سيئاتكم ، وجيء بها ، لأن الصدقة لا تمحو جميع الذنوب ، وانما تمحو بعضها.
(وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ). وما دام الله سبحانه يعلم السر ، تماما كما يعلم الجهر ، فالأفضل السر ، لأنه أبعد عن الرياء الا إذا كان في العلانية مصلحة ، كالاسوة والاقتداء ، وان كثيرا من المخلصين يبالغون في إخفاء صدقاتهم ، فيتبرعون للمشاريع الخيرية باسم بعض المحسنين.