(فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ). والتفصيل في كتب الفقه ، ومنها الجزء الرابع من فقه الإمام جعفر الصادق.
وتسأل : ان الرهن جائز في السفر والحضر ، ومع وجود الكاتب وعدمه ، فما هو القصد من التقييد بالسفر ، وعدم وجود الكاتب؟
وتخطى بعض المفسرين هذا السؤال ، وتجاهله بالمرة ، مع انه يسبق الى ذهن كل عارف بالأحكام الشرعية .. وأجاب أكثرهم عنه بأن الله أجراه على الأعم الأغلب ، إذ الغالب في السفر عدم وجود الكاتب في ذاك العصر .. ويلاحظ بأن الغالب في السفر أيضا عدم وجود الرهن ، ومن الذي يحمل في سفره أشياءه التي يمكن رهنها إلا ما ندر؟
والجواب الصحيح ان الآية بظاهرها تدل على عدم جواز الرهن في الحضر ، بناء على ان للشرط مفهوما ، وهو هنا : ان لم تكونوا على سفر فلا رهان ، ولكن هذا الظاهر لا يجوز الاعتماد عليه بعد أن ثبت ان النبي (ص) الذي نزل الوحي على قلبه لم يعمل به ، فلقد رهن درعه عند يهودي ، وهو حاضر في المدينة ، وليست هذه هي الآية الوحيدة التي نترك ظاهرها بالسنة النبوية ، ومن هنا أجمعت الأمة على عدم جواز العمل بظاهر آية من آيات الأحكام الشرعية إلا بعد البحث والتنقيب عن الأحاديث النبوية الواردة مورد الحكم المدلول للآية الكريمة.
(فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ). أي ان الدائن إذا أحسن الظن بالمديون ، وأعطاه بلا صك ولا رهن ولا إشهاد ثقة بصدقه ووفائه ، ان كان كذلك فعلى المديون أن يكون عند حسن ظن الدائن ، ويرد له الحق كاملا ..
وهذا الحكم عام لا يختص بالدين ، بل يشمل الأمانات بكاملها ، قال تعالى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها) ـ النساء ٥٨». وقال رسول الله (ص) : لا تنظروا الى صلاة الرجل وصومه ، وكثرة حجه ومعروفه ، وطنطنته بالليل ، ولكن انظروا الى صدق حديثه وأدائه للامانة ، وقال الإمام زين العابدين (ع) : لو ان قاتل أبي ائتمنني على السيف الذي قتله به لأديته اليه.
(وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) فرق بين تحمل الشهادة ، وبين الأدلاء بها بعد تحملها ، فمعنى تحمل الشهادة ان يدعوك داع لتشهد له