الظاهرة القرآنية ص ٩١ طبعة ١٩٥٨ : «ان نوعا من النمل في أمريكا يغادر مساكنه قبل اندلاع الحريق فيها بليلة». ومهما فرضت لذلك من الفروض والتفاسير فلا تركن النفس أبدا الا بفرض وجود مدبر حكيم أعطى لكل نفس هداها.
ومنهم من يعتمد البرهان الخلقي ، ويقول : لو لا الايمان بوجود الله لانهارت المقاييس الخلقية ، ولم يكن من رادع يردع الناس عن الشر ، ولا وازع يبعثهم على عمل الخير.
وهذا الدليل في واقعه أقرب الى انكار الخالق من الاعتراف به ، إذ يكون الايمان بالله ، والحال هذه ، وسيلة لا غاية ، بحيث لو افترض وجود انسان يفعل من تلقائه ما ينبغي فعله ، ويترك ما ينبغي تركه لما وجب عليه الايمان بالله .. وليس من شك ان جعل الله أداة أقبح من إنكاره.
ومنهم من يعتمد الدليل اللدني ، وهو الشعور والاحساس القلبي مباشرة ، ويقول : ان قلب الإنسان يدرك وجود الخالق مباشرة من غير براهين ، ومقدمات ، تماما كما يحس الحب والبغض ، وتقدم الكلام عن ذلك مفصلا عند تفسير الآية ٣ (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) فقرة المعرفة ، رقم ٤.
وأفضل الطرق كلها هو الطريق الذي استدل به الله سبحانه على وجوده ، ويتلخص بالنظر والتفكير في خلق السموات والأرض ، وفي الإنسان والموت والحياة ، والنعم الجلّى ، وما إلى ذاك مما جاء في القرآن الكريم ، والسنة النبوية ، ونهج البلاغة.
وهذا الطريق ، وان رجع في حقيقته الى الدليل الكوني والغائي الا أن تقريره في هذا الأسلوب يبعده عن التكلف والتعسف ، ويقربه الى افهام الخواص والعوام .. ومن لا يقتنع من الله سبحانه بما أورده هو جل وعلا من الأدلة على وجوده ، فهل يقتنع من عبد مثله؟.
وغريبة الغرائب ان الجاحد يؤمن ويعتقد بأن القميص الذي يلبسه ـ مثلا ـ قد زرع بذره الفلاح بانتظام ، ثم غزله وحاكه العامل بإتقان ، ثم باعه التاجر بمعرفة ، ثم فصّله وخاطه الخياط على القدر المطلوب ، انه يعتقد بهذا كله ، ثم لا يعتقد بوجود من اتقن وصنع كل شيء؟.
وبالاضافة الى الأدلة على وجود الله التي تدخل تحت ضابط عام ، وقاعدة