أو يصعب عليه أن يمنعها عن التعبير عما في كهوفها وقرارتها حين تجد فرصة ومنفذا لهذا التعبير.
الجيل الجديد :
كل شيء يخضع لأسبابه الواقعية ، سواء أكان ظاهرة من ظواهر الطبيعة ، كالطوفان والزلزال ، أو ظاهرة اجتماعية ، كالجهل والفقر ، أو كان شأنا من شئون القلب ، كالايمان والكفر ، ولا شيء على الإطلاق يوجد لمجرد الصدفة من غير سبب وتدبير .. مهدت بهذه الاشارة للسؤال والجواب التاليين :
لما ذا لا يهتم الجيل الجديد بالقيم الدينية ، كما كانت تهتم بها الأجيال السابقة؟ فأكثر شباب هذا الجيل قد انصرفوا عن العبادات والطقوس الدينية .. بل أثقل شيء على نفوسهم ان يسمعوا موعظة ونصيحة تمت الى الدين بسبب. حتى القيم الانسانية ، كالاخاء والمساواة ، والسلام والتعاون ، والصدق والعدل لا صدى لها في نفوسهم .. وان تحدثوا عنها وعن قداستها فإنما يقدسونها بألسنتهم لا بقلوبهم ، وبأقوالهم لا بأفعالهم .. اللهم الا في حدود منفعتهم الشخصية.
الجواب : لقد كانت الشعوب الاسلامية العربية منها وغير العربية لا تثق بمبدإ من المبادئ ، ولا بقيمة من القيم إلا إذا كان مصدرها كتاب الله جل وعز ، وسنة رسول الله (ص) .. فلا اشتراكية ، ولا وجودية ، ولا ديمقراطية ، ولا قومية ، لا شيء على الإطلاق إلا وحي السماء ، منه تستمد أصول العقيدة ، وآداب السلوك ، وعليه توضع مناهج التعليم ، ومنه تستخرج القوانين والأحكام التي يعمل بها في دور القضاء ، وتراعى في الدوائر ، وسائر التصرفات الفردية والاجتماعية.
ومن هنا كانت تعاليم الدين واضحة في أذهان الكثير من الناس ، يعرفون ما يقره الشرع ، ويأمر به ، وما يرفضه وينهى عنه. وكان الذي يعيش الدين معايشة صحيحة محل ثقة الجميع ، وموضع أمانتهم ، ومن انحرف عنها لا يأتمنونه على شيء ، ولا يثقون به في شيء .. ومعنى هذا في واقعه ان القيم الاجتماعية كانت هي القيم الدينية بالذات ، فإذا ما شذ فرد عنها ، وخرج عليها كان تماما كمن يخرج على النظام السليم ، والوضع القويم.