و «منها» : ان يراد به الحكم والتسمية بالمهتدي تماما كقولهم عدّله القاضي ، أي حكم بعدالته ، وهذا المعنى تصح نسبته الى الله سبحانه.
وكذلك الضلال يطلق على معان :
منها» : التلبيس والتشكيك والإيقاع في الفساد والمنع عن الدين والحق ، وهذا لا يضاف الى الله بحال ، بل ينسب الى إبليس وأتباعه ومنه قوله تعالى حكاية عن إبليس. (لَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ). وقوله : (وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ). وقوله : (وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ).
و «منها» : العقاب ، وفي القرآن آيات كثيرة بهذا المعنى ، منها : (يُضِلُّ اللهُ الْكافِرِينَ) .. (وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ) .. و (كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ). أي يعاقب الكذاب والكافرين والظالمين.
و «منها» : ان يراد به الحكم والتسمية بالضال ، كقولك : أضله فلان إذا أردت انه نسبه الى الضلال ، واعتبره من الضالين. ويجوز هذا المعنى عليه سبحانه.
و «منها» : التخلية بين المرء ونفسه .. فمن أهمل ولده من غير عناية وتربية يصح أن يقال : أضلّه أبوه.
و «منها» : الضياع ، تقول : أضلّ فلان ناقته ، أي ضاعت منه ، وهذا أيضا لا يضاف إلى الله.
و «منها» : الابتلاء والامتحان ، بحيث يحصل الضلال عند البيان الذي يمتحن الله به عباده ، قال صاحب مجمع البيان : «المعنى ان الله تعالى يمتحن بهذه الأمثال عباده ، فيضل بها قوم كثير ، ويهتدى بها قوم كثير».
المعنى :
ومحصل معنى الآيتين ان الله لا يترك ضرب الأمثال بما يراه الجهلة والسفلة حقيرا كالعنكبوت والذباب والبعوضة ، وغيرها ، لأن الله خالق كل شيء ، ورب كل شيء ، يستوي لديه جناح البعوضة ، والكون بكامله .. هذا ، إلى ان ضرب الأمثال موجود في جميع اللغات ، والغاية منه جلاء الأفكار المجردة