في التبليغ لا يجوز عمدا ولا سهوا». قال : «ومن الناس من جوز ذلك سهوا». ولا أدري من عنى بهؤلاء الناس؟.
٣ ـ العصمة في الفتيا ، ومعنى الفتيا ان يفتي النبي بشيء عام ، كتحريم الربا ، وتحليل البيع ، ذكر هذا القسم الرازي في تفسيره ، وقال : «اجمعوا على ان خطأ الأنبياء لا يجوز في ذلك على سبيل العمد ، أما على سبيل السهو فجوزه بعضهم ، ومنعه آخرون».
ويلاحظ ان هذا القسم يرجع الى القسم الثاني ، أي التبليغ .. وينبغي أن يجعل القسم الثالث العصمة في الحكم لا في الفتوى (١).
واتفق الإمامية على ان النبي معصوم عن الخطأ في الحكم ، كما هو معصوم في التبليغ ، مع انهم نقلوا عن الرسول الأعظم (ص) انه قال : «انما أقضي بينكم بالبينات والايمان .. أنا بشر وانكم تختصمون إليّ ، ولعل بعضكم يكون ألحن بحجته من بعض ـ أي أفطن من خصمه ـ فاحكم له على نحو ما أسمع منه ، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذ منه شيئا ، فإنما أقطع له قطعة من نار» .. اللهم الا أن يكون الخطأ في حكمه ـ على تقديره ـ انما هو في البينة ، أو في يمين الحالف ، أو ما أشبه ، أي في مستند الحكم لا في الحاكم.
٤ ـ العصمة في أفعال الأنبياء ، وسيرتهم الخاصة .. وقال الايجي في الجزء الثامن من المواقف : «ان الحشوية أجازوا على الأنبياء فعل الذنوب الكبائر ، كالكذب عمدا وسهوا ، ومنعه جمهور الأشاعرة ـ أي السنة ـ عمدا لا سهوا ، أما الصغائر فتجوز عليهم عمدا فضلا عن السهو».
وقال الإمامية : ان الأنبياء معصومون في كل ما يقولون ويفعلون ، تماما كما هم معصومون في العقيدة والتبليغ .. ويستحيل عليهم فعل الصغائر فضلا عن الكبائر ، ولن تصدر منهم إطلاقا لا على سبيل القصد ، ولا على سبيل السهو ، لا قبل النبوة ولا بعدها.
__________________
(١) الفرق بين الحكم والفتوى ان موضوع الحكم لا يكون إلا خاصا ، كحكم القاضي بأن هذا العقد الذي جرى بين زيد وبكر باطل ، أما موضوع الفتوى فعام كأحل الله البيع ، وحرم الربا.