في المدارس الحكومية ـ وسيرفصون من غير جدال ـ فعلينا ان ننشىء مدارس أهلية لهذه الغاية الى جانب العلوم الزمنية الدارجة ، ننشىء هذه المدارس من الملايين التي تدفع باسم الحقوق الإلهية للمراجع وغيرهم ، ولا أعرف موردا لها خيرا من إنفاقها لإحياء التعاليم الدينية ، وانتشارها ، وتربية النشء عليها.
ثانيا : أن يؤدي كل واحد من رجال الدين مهمته بإخلاص بعد أن يؤهل نفسه لأن يكون هاديا واعيا يعرف من أين ينفذ الى قلوب الشباب وكيف يقنعهم بأن الدين مصدر القيم التي تمنحهم حياة أفضل.
ثالثا : أن نوضح الحقائق الدينية ، ونيسرها للافهام ، ونذيعها بالكتب والخطب والمقالات والنشرات ، ونثبت للجاهل والمشكك ان الإسلام بعقيدته وشريعته وأخلاقه ينبع من حاجات الإنسان الروحية والمادية ، ويضع لمشاكله الحلول السليمة ، ويهدف الى سعادته دنيا وآخرة .. وسيجد القارئ الدليل على ذلك في هذا التفسير الذي يربط الدين بالحياة بشتى مظاهرها ، ويهتم بالجانب الانساني أكثر مما يهتم ببلاغة الكلمة.
المفسر :
التفسير في اللغة الاستبانة ، وفي الاصطلاح علم يبحث فيه عن معاني ألفاظ القرآن وخصائصه.
ولا بد لهذا العلم من معدات ومؤهلات ، منها العلوم العربية بشتى أقسامها ، وعلم الفقه وأصوله ، ومنها الحديث وعلم الكلام ، ليكون المفسر على بينة مما يجوز على الله وأنبيائه ، وما يستحيل عليه وعليهم ، ومنها كما يرى البعض علم التجويد والقراءات.
وهنا شيء آخر يحتاج اليه المفسر ، وهو أهم وأعظم من كل ما ذكره المفسرون في مقدمة تفاسيرهم ، لأنه الأساس والركيزة الأولى لتفهم كلامه جل وعلا. ولم أر من أشار اليه ، وقد اكتشفته بعد أن مضيت قليلا في التفسير ، وهو ان معاني القرآن لا يدركها ، ولن يدركها على حقيقتها ، ويعرف عظمتها الا من يحسها من أعماقه ، وينسجم معها بقلبه وعقله ، ويختلط إيمانه بها بدمه