فعلى الاحتمال الأوّل يرجع الاجماع إلى أمر حدسي ، لا حسّي ، لأنّ الفتوى من الأمور الحدسيّة ، فلا يدخل هذا الاجماع في باب الشهادة ، فيتمحض في التعبّدي ، ويمكن أن يضعف بوجهين :
الأوّل : أنّ هذا الاجماع لا يحرز كونه إجماعا كاشفا عن رأي المعصوم عليهالسلام ، بل قد ذكرنا سابقا أنّ هذا الاجماع ليس إجماعا في مسألة فرعية.
الثاني : لو سلّمنا تمامية الاجماع فلا بدّ من ظهور أثر لذلك ولو في مورد واحد ، ولم نعثر على مورد واحد عمل الأصحاب فيه بفتوى هؤلاء.
وعلى الاحتمال الثاني يكون الاجماع بالنسبة للفتوى حدسيا كما في الاحتمال الأوّل ، وسيأتي الكلام عنه ، ويكون بالنسبة للرواية حسّيا ، ولا يلزم فيه كاشفيته عن قول المعصوم عليهالسلام ، لأنّه شهادة ويكفي فيها اثنان ، بل واحد ، فيكون حجّة ، فلا يرد الاشكال الأوّل على الاحتمال السابق ، ولكن الاشكال الثاني وارد ، فإنّا لم نجد من بين القدماء من استدلّ في مورد واحد برواية مستندا إلى هذا الاجماع ، إلّا من بعض المتأخّرين ، ولا حجة في استدلالهم.
وبعبارة أوضح أنّه لم تثبت صحّة جميع روايات واحد من أصحاب الاجماع ، وعلى هذا فيمكن الخدشة في أساس الاجماع وثبوته.
والتحقيق في المقام : انّه يمكن أن يصار إلى احتمال آخر غير ما ذكر ، ولا يرد اشكال عليه ، وحاصله : انّ مورد الاجماع في العبارات الثلاث هؤلاء الأشخاص على نحو المجموع بما هو ، لا على نحو الانفراد بمعنى أنّه اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عن هؤلاء كمجموع لا كلّ واحد واحد ، فمؤدى الاجماع أنّ كلّ مجموعة ذكرت في العبارات الثلاث إذا اجتمعت على رواية واحدة أو فتوى فهي صحيحة.
فتتشكل ثلاث مجموعات من الأصحاب ، يكون قول كلّ مجموعة حجّة