وأمّا المراسيل في باب التعارض وعلاجها ما هو؟ فهو وإن لم يذكر ذلك ، ولم يتعرض له إلّا أنّه يمكن أن يقال : انّه باب مستقلّ لا يرتبط بما نحن فيه ، وبعبارة اخرى : انّ الخبر المرسل وإن كان حجّة والمروي عنه ثقة ، إلّا أنّه لا يخرج عن دائرة الارسال ، وفي مقام التعارض يكون الترجيح للمسند للتصريح باسم الراوي ، فهو معروف على نحو التفصيل ، بخلاف من أرسل عنه هؤلاء فإنّه وإن كان ثقة ، ولكن على نحو الاجمال ، فما ورد من مناقشات الشيخ داخلة في هذا الباب ، وعليه فلا ملازمة بين الترجيح وبين العمل والحجّية ، إذ الملاحظ في باب التعارض هو الترجيح وانّه بهذه الكيفية ، فيقدّم المسند على المرسل مع حجيّة كلّ منهما ، فلا يستشكل بمثل هذا على دعوى الشيخ.
وأمّا بالنسبة إلى الجهة الثانية ، وهي اختلاف المبنى في اعتبار الراوي والرواية ، فهي مدفوعة بوجهين.
الأوّل : ما تقدّم منّا مفصّلا ، حيث استظهرنا أنّ القدماء ومنهم الصدوق ، والشيخ ، وغيرهما ، يعتبرون الوثاقة في الراوي ، وأنّها من شرائط العمل بالرواية ، بل ادّعى الشيخ الاجماع على ذلك ، وانّ مبنى الأصحاب عدم العمل بخبر كلّ إمامي ما لم تحرز وثاقته.
الثاني : دلالة الشهادة على اعتبار الوثاقة فقد ورد فيها أنّهم لا يروون ولا يرسلون إلّا عن ثقة ، ولا يخفى دلالة هذه العبارة على أنّ عمل قدماء الأصحاب على أساس اعتبار الوثاقة.
وبهذين الوجهين ظهر أنّ الاشكال من أساسه غير وارد.
وأمّا بالنسبة إلى الجهة الثالثة وهي : أنّ ابتناء الشهادة لا يخلو إما أن يكون على الاستقراء وهو غير تامّ ، وإمّا على حسن الظنّ وهو لا يورث العلم ، وإمّا على الاخبار وهو لا يمكن تحصيله ، ولا سيما مع نسيان أسماء من روي عنهم ،