لاحظنا النسبة بين ما يرويه هؤلاء المشايخ عن مشايخهم الذين لم يرد في حقّهم تضعيف ، وبين ما يروونه عن الضعفاء ، نجد أنّ النسبة ضئيلة جدّا ، بحيث لا ترفع الاطمئنان ولا تخدش في حصوله بوثاقة الجميع ، فيكون ما روى عن الضعفاء بمنزلة الشاذّ النادر ، ولا اعتناء به ، وأمّا الأكثر والقريب من الكلّ ، فلم يرد في حقّهم تضعيف ، وحينئذ لا يلتفت إلى ذلك القليل النادر ، لأنّ نسبته إلى الكثير الأغلب كنسبة الواحد إلى المائة أو الألف مثلا ، ولا يكون هذا موجبا للوهن في حصول الاطمئنان (١).
وهذا الجواب ـ بحسب الظاهر ـ غير تامّ وذلك لأمرين :
الأوّل : انّ ملاحظة النسبة يراعى فيها الموارد لا الأشخاص ، بمعنى أن نحصر أوّلا ما رواه هؤلاء عمّن لم يرد في حقّهم تضعيف ، ونحصر ثانيا ما رووه عمّن ورد في حقّهم التضعيف ، ثمّ نقيس هذا بذاك ، لا أنّنا نلاحظ النسبة بين المشايخ فقد تنعكس النسبة ، إذ قد يروي ابن أبي عمير ـ مثلا ـ عن شخص ضعيف كثيرا ، ويروي عن آخر لم يرد فيه تضعيف قليلا ، وحينئذ ينعكس الحال ، فالمناط في النسبة هي روايات ابن أبي عمير ، لا من يروي عنهم.
الثاني : لو أغمضنا النظر عن ذلك ، لكن يشترط في الشهادة أن تكون مفيدة لأمر كلّي عامّ شامل لكلّ الموارد وتخلّف مورد واحد يوجب سقوط الشهادة عن الاعتبار والحجيّة ، وحينئذ لا تصل النوبة إلى ملاحظة النسبة إذ المقام ليس مقام اطمئنان وعدمه ، بل مقام اعتبار الشهادة وعدمه ، وسقوط مورد واحد عن الاعتبار كاف في سقوط الشهادة وحجيّتها عن الاعتبار.
وعليه فما أجاب به السيّد الشهيد قدسسره الصدر لا يمكن الموافقة عليه.
__________________
(١) مشايخ الثقاة الحلقة الاولى الطبعة الثانية ص ٤٠.