بهما.
والجار هو النزيل بقرب منزلك ، ويطلق على النزيل بين القبيلة في جوارها ، فالمراد ب (الْجارِ ذِي الْقُرْبى) الجار النسيب من القبيلة ، وب (الْجارِ الْجُنُبِ) الجار الغريب الذي نزل بين القوم وليس من القبيلة ، فهو جنب ، أي بعيد ، مشتقّ من الجانب ، وهو وصف على وزن فعل ، كقولهم : ناقة أجد ، وقيل : هو مصدر ، ولذلك لم يطابق موصوفه ، قال بلعاء بن قيس :
لا يجتوينا مجاور أبدا |
|
ذو رحم أو مجاور جنب |
ويشهد لهذا المعنى قول علقمة بن عبدة في شعره الذي استشفع به عند الملك الحارث ابن جبلة الغسّاني ، ليطلق له أخاه شاسا ، حين وقع في أسر الحارث :
فلا تحرمنّي نائلا عن جنابة |
|
فإنّي امرؤ وسط القباب غريب |
وفسّر بعضهم الجار ذا القربى بقريب الدار ، والجنب بعيدها ، وهذا بعيد ، لأنّ القربى لا تعرف في القرب المكاني ، والعرب معروفون بحفظ الجوار والإحسان إلى الجار ، وأقوالهم في ذلك كثيرة ، فأكّد ذلك في الإسلام لأنّه من محامد العرب التي جاء الإسلام لتكميلها من مكارم الأخلاق ، ومن ذلك الإحسان إلى الجار.
وأكّدت السنّة الوصاية بالجار في أحاديث كثيرة : ففي «البخاري» عن عائشة أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم : قال «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتّى ظننت أنّه سيورّثه». وفيه عن أبي شريح : أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم خرج وهو يقول : «والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن». قيل: «ومن يا رسول الله» قال : «من لا يأمن جاره بوائقه» وفيه عن عائشة ، قلت : «يا رسول الله إنّ لي جارين فإلى أيّهما أهدي» قال إلى أقربهما منك بابا» وفي «صحيح مسلم» : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لأبي ذرّ «إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهده جيرانك». واختلف في حدّ الجوار : فقال ابن شهاب ، والأوزاعي : أربعون دارا من كلّ ناحية ، وروي في ذلك حديث : وليس عن مالك في ذلك حدّ ، والظاهر أنّه موكول إلى ما تعارفه الناس.
وقوله : (وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ) هو المصاحب الملازم للمكان ، فمنه الضيف ، ومنه الرفيق في السفر ، وكلّ من هو ملمّ بك لطلب أن تنفعه ، وقيل : أراد الزوجة.
(وَابْنِ السَّبِيلِ) هو الغريب المجتاز بقوم غير ناو الإقامة ، لأنّ من أقام فهو الجار الجنب. وكلمة (ابن) فيه مستعملة في معنى الانتساب والاختصاص ، كقولهم : أبو الليل ،