لأنّ الإدغام أخفّ ، وإذا أظهروا أبدلوا الدال تاء ، ومن ذلك قولهم : عتاد لعدّة السلاح ، وأعتد جمع عتاد.
ووصف العذاب بالمهين جزاء لهم على الاختيال والفخر.
وعطف (وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ) على (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ) : لأنّهم أنفقوا إنفاقا لا تحصل به فائدة الإنفاق غالبا ، لأنّ من ينفق ماله رئاء لا يتوخّى به مواقع الحاجة ، فقد يعطي الغنيّ ويمنع الفقير ، وأريد بهم هنا المنفقون من المنافقين المشركين ، ولذلك وصفوا بأنّهم لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ، وقيل : أريد بهم المشركون من أهل مكة ، وهو بعيد ، لأنّ أهل مكة قد انقطع الجدال معهم بعد الهجرة.
وجملة : (وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً) معترضة.
وقوله : (فَساءَ قَرِيناً) جواب الشرط. والضمير المستتر في (ساء) إن كان عائدا إلى الشيطان (فَساءَ) بمعنى بئس ، والضمير فاعلها ، و (قَرِيناً) تمييز للضمير ، مثل قوله تعالى : (ساءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) [الأعراف : ١٧٧] ، أي : فساء قرينا له ، ليحصل الربط بين الشرط وجوابه ، ويجوز أن تبقى (فَساءَ) على أصلها ضدّ حسن ، وترفع ضميرا عائدا على (من) ويكون (قرينا) تمييز نسبة ، كقولهم : «ساء سمعا فساء جابة» أي فساء من كان الشيطان قرينه من جهة القرين ، والمقصود على كلا الاحتمالين سوء حال من كان الشيطان له قرينا بإثبات سوء قرينه ؛ إذ المرء يعرف بقرينه ، كما قال عديّ بن زيد :
فكلّ قرين بالمقارن يقتدي
وقوله : (وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) عطف على الجملتين ، وضمير الجمع عائد إلى الفريقين ، والمقصود استنزال طائرهم ، وإقامة الحجّة عليهم.
(وَما ذا) استفهام ، وهو هنا إنكاري توبيخي. و (ذا) إشارة إلى (ما) ، والأصل لا يجيء بعد (ذا) اسم موصول نحو (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ) [البقرة : ٢٥٥]. وكثر في كلام العرب حذفه وإبقاء صلته لكثرة الاستعمال ، فقال النحاة : نابت ذا مناب الموصول ، فعدّوها في الموصولات وما هي منها في قبيل ولا دبير ، ولكنّها مؤذنة بها في بعض المواضع. وعلى ظرف مستقرّ هو صلة الموصول ، فهو مؤوّل بكون. وعلى للاستعلاء المجازي بمعنى الكلفة والمشقّة ، كقولهم : عليك أن تفعل كذا. و (لَوْ آمَنُوا) شرط حذف جوابه لدلالة ما قبله عليه ، وقد قدّم دليل الجواب اهتماما بالاستفهام ، كقول