ذكرته السنّة : مثل خالد بن سنان العبسي.
وإنّما ذكر الله تعالى هنا الأنبياء الذين اشتهروا عند بني إسرائيل لأنّ المقصود محاجّتهم. وإنّما ترك الله أن يقصّ على النّبيء صلىاللهعليهوسلم أسماء كثير من الرسل للاكتفاء بمن قصّهم عليه ، لأنّ المذكورين هم أعظم الرسل والأنبياء قصصا ذات عبر.
وقوله : (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً) غيّر الأسلوب فعدل عن العطف إلى ذكر فعل آخر ، لأنّ لهذا النّوع من الوحي مزيد أهمّيّة ، وهو مع تلك المزيّة ليس إنزال كتاب من السماء ، فإذا لم تكن عبرة إلّا بإنزال كتاب من السماء حسب اقتراحهم ، فقد بطل أيضا ما عدا الكلمات العشر المنزّلة في الألواح على موسى ـ عليهالسلام ـ.
وكلام الله تعالى صفة مستقلّة عندنا ، وهي المتعلّقة بإبلاغ مراد الله إلى الملائكة والرسل ، وقد تواتر ذلك في كلام الأنبياء والرسل تواترا ثبت عند جميع الملّيّين ، فكلام الله صفة له ثبتت بالشرع لا يدلّ عليها الدليل العقليّ على التحقيق إذ لا تدلّ الأدلّة العقلية على أنّ الله يجب له إبلاغ مراده الناس بل يجوز أن يوجد الموجودات ثم يتركها وشأنها ، فلا يتعلّق علمه بحملها على ارتكاب حسن الأفعال وتجنّب قبائحها. ألا ترى أنّه خلق العجماوات فما أمرها ولا نهى ، فلو ترك النّاس فوضى كالحيوان لما استحال ذلك. وأنّه إذا أراد حمل المخلوقات على شيء يريده فطرها على ذلك فانساقت إليه بجبلّاتها ، كما فطر النحل على إنتاج العسل ، والشجر على الإثمار. ولو شاء لحمل النّاس أيضا على جبلّة لا يعدونها ، غير أنّنا إذ قد علمنا أنّه عالم ، وأنّه حكيم ، والعلم يقتضي انكشاف حقائق الأشياء على ما هي عليه عنده ، فهو إذ يعلم حسن الأفعال وقبحها ، يريد حصول المنافع وانتفاء المضارّ ، ويرضى بالأولى ، ويكره الثّانية ، وإذ اقتضت حكمته وإرادته أن جعل البشر قابلا للتعلّم والصلاح ، وجعل عقول البشر صالحة لبلوغ غايات الخير ، وغايات الشرّ ، والتفنّن فيهما ، بخلاف الحيوان الذي يبلغ فيما جبل عليه من خير أو شرّ إلى غاية فطر عليها لا يعدوها ، فكان من المتوقّع طغيان الشرّ على الخير بعمل فريق الأشرار من البشر كان من مقتضى الحكمة أن يحمل النّاس على فعل الخير الذي يرضاه ، وترك الشرّ الذي يكرهه ، وحملهم على هذا قد يحصل بخلق أفاضل النّاس وجبلهم على الصلاح والخير ، فيكونون دعاة للبشر ، لكنّ حكمة الله وفضله اقتضى أن يخلق الصالحين القابلين للخير ، وأن يعينهم على بلوغ ما جبلوا عليه بإرشاده وهديه ، فخلق النّفوس القابلة للنبوّة والرسالة وأمدّها بالإرشاد الدالّ على مراده المعبّر عنه بالوحي ، كما اقتضاه قوله