ووجود المقدرة. وقال ربيعة ، والنخعي ، وقتادة ، وعطاء ، والثوري ، الطول : الصبر والجلد على نكاح الحرائر.
ووقع لمالك في كتاب محمد : أنّ الذي يجد مهر حرّة ولا يقدر على نفقتها ، لا يجوز له أن يتزوّج أمة ، وهذا ليس لكون النفقة من الطول ولكن لأنّ وجود المهر طول ، والنفقة لا محيص عنها في كليهما ، وقال أصبغ : يجوز لهذا أن يتزوّج أمة لأنّ نفقة الأمة على أهلها إن لم يضمّها الزوج إليه ، وظاهر أنّ الخلاف في حال. وقوله : (أَنْ يَنْكِحَ) معمول (طولا) بحذف (اللّام) أو (على) إذ لا يتعدّى هذا المصدر بنفسه.
ومعنى (أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ) أي ينكح النساء الحرائر أبكارا أو ثيّبات ، دلّ عليه قوله : (فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ).
وإطلاق المحصنات على النساء اللاتي يتزوجهنّ الرجال إطلاق مجازي بعلاقة المآل ، أي اللائي يصرن محصنات بذلك النكاح إن كنّ أبكارا ، كقوله تعالى : (قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً) [يوسف : ٣٦] أي عنبا آئلا إلى خمر ؛ أو بعلاقة ما كان ، إن كنّ ثيّبات كقوله : (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ) [النساء : ٢] وهذا بيّن ، وفيه غنية عن تأويل المحصنات بمعنى الحرائر ، فإنّه إطلاق لا تساعد عليه اللغة ، لا على الحقيقة ولا على المجاز ، وقد تساهل المفسّرون في القول بذلك.
وقد وصف المحصنات هنا بالمؤمنات ، جريا على الغالب ، ومعظم علماء الإسلام على أنّ هذا الوصف خرج للغالب ولعلّ الذي حملهم على ذلك أنّ استطاعة نكاح الحرائر الكتابيات طول ، إذ لم تكن إباحة نكاحهنّ مشروطة بالعجز عن الحرائر المسلمات ، وكان نكاح الإماء المسلمات مشروطا بالعجز عن الحرائر المسلمات ، فحصل من ذلك أن يكون مشروطا بالعجز عن الكتابيات أيضا بقاعدة قياس المساواة. وعلّة ذلك أنّ نكاح الأمة يعرّض الأولاد للرقّ ، بخلاف نكاح الكتابية ، فتعطيل مفهوم قوله : (الْمُؤْمِناتِ) مع (الْمُحْصَناتِ) حصل بأدلّة أخرى ، فلذلك ألغوا الوصف هنا ، وأعملوه في قوله : (مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ). وشذّ بعض الشافعية ، فاعتبروا رخصة نكاح الأمة المسلمة مشروطة بالعجز عن الحرّة المسلمة ، ولو مع القدرة على نكاح الكتابية ، وكأنّ فائدة ذكر وصف المؤمنات هنا أنّ الشارع لم يكترث عند التشريع بذكر غير الغالب المعتبر عنده ، فصار المؤمنات هنا كاللّقب في نحو (لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين).
والفتيات جمع فتاة ، وهي في الأصل الشابّة كالفتى ، والمراد بها هنا الأمة أطلق