(الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ) [التوبة : ٦٧] إلخ فضمير الخطاب لهم جار على مقتضى الظاهر بدون التفات والكلام مسوق لتشبيه حالهم في مصيرهم إلى النار.
والإتيان بالموصول لأنّه أشمل وأجمع للأمم التي تقدّمت مثل عاد وثمود ممّن ضرب العرب بهم المثل في القوة.
و (أَشَدَّ) معناه أقوى ، والقوة هنا القدرة على الأعمال الصعبة كقوله : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً) [فصلت : ١٥] أو يراد بها العزّة وعدّة الغلب باستكمال العدد والعدد ، وبهذا المعنى أوقعت القوة تمييز ال (أَشَدَّ) كما أوقعت مضافا إليه شديد في قوله تعالى : (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى) [النجم : ٥].
وكثرة الأموال لها أسباب كثيرة : منها طيب الأرض للزرع والغرس ورعي الأنعام والنحل ، ومنها وفرة التجارة بحسن موقع الموطن بين مواطن الأمم ، ومنها الاقتراب من البحار للسفر إلى الأقطار وصيد البحر ، ومنها اشتمال الأرض على المعادن من الذهب والفضّة والحديد والمواد الصناعية والغذائية من النبات ، كأشجار التوابل ولحاء الدبغ والصبغ والأدوية والزراريع والزيوت.
وكثرة الأولاد تأتي من الأمن بسبب بقاء الأنفس ، ومن الخصب المؤثر قوة الأبدان والسلامة من المجاعات المعقبة للموتان ، ومن حسن المناخ بالسلامة من الأوبئة المهلكة ، ومن الثروة بكثرة الأزواج والسراري والمراضع.
والاستمتاع : التمتّع ، وهو نوال أحد المتاع الذي به التذاذ الإنسان وملائمه وتقدّم عند قوله تعالى : (وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) في سورة الأعراف [٢٤].
والسين والتاء فيه للمبالغة في قوة التمتّع.
والخلاق : الحظ من الخير وقد تقدّم عند قوله تعالى : (فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ) في سورة البقرة [٢٠٠].
وتفرّع (فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ) على (كانُوا أَشَدَّ) : لأنّ المقصود إدخاله في الحالة المشبه بها كما سيأتي.
وتفرّع (فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ) على ما أفاده حرف الكاف بقوله : (كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) من معنى التشبيه ، ولذلك لم تعطف جملة (فَاسْتَمْتَعْتُمْ) بواو العطف ، فإنّ هذه