يتخلّف. وقد تقدّم نظيره آنفا في قوله : (وَعَدَ اللهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْكُفَّارَ نارَ جَهَنَّمَ) [التوبة : ٦٨].
والإظهار في مقام الإضمار دون أن يقال : وعدهم الله : لتقريرهم في ذهن السامع ليتمكّن تعلّق الفعل بهم فضل تمكّن في ذهن السامع.
وتقدّم الكلام على نحو قوله : (جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) عند قوله تعالى : (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) في سورة البقرة [٢٥].
وعطف (وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ) على (جَنَّاتٍ) للدلالة على أن لهم في الجنّات قصورا ومساكن طيّبة ، أي ليس فيها شيء من خبث المساكن من الأوساخ وآثار علاج الطبخ ونحوه نظير قوله : (وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) [البقرة : ٢٥].
و (العدن) : الخلد والاستقرار المستمرّ ، فجنّات عدن هي الجنات المذكورة قبل ، فذكرها بهذا اللفظ من الإظهار في مقام الإضمار مع التفنّن في التعبير والتنويه بالجنّات ، ولذلك لم يقل : ومساكن طيبة فيها.
وجملة : (وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ) معطوفة على جملة (وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ). والرضوان ـ بكسر الراء ـ ويجوز ضمها. وكسر الراء لغة أهل الحجاز ، وضمّها لغة تميم. وقرأه الجمهور ـ بكسر الراء ـ وقرأه أبو بكر عن عاصم بضمّ الراء ونظيره بالكسر قليل في المصادر ذات الألف والنون. وهو مصدر كالرضى وزيادة الألف والنون فيه تدلّ على قوته ، كالغفران والشكران.
والتنكير في (رِضْوانٌ) للتنويع ، يدلّ على جنس الرضوان ، وإنّما لم يقرن بلام تعريف الجنس ليتوسّل بالتنكير إلى الإشعار بالتعظيم فإنّ رضوان الله تعالى عظيم.
و (أَكْبَرُ) تفضيل لم يذكر معه المفضّل عليه لظهوره من المقام ، أي أكبر من الجنّات لأنّ رضوان الله أصل لجميع الخيرات. وفيه دليل على أنّ السعادات الروحانية أعلى وأشرف من الجثمانية.
و (ذلِكَ) إشارة إلى جميع ما ذكر من الجنّات والمساكن وصفاتهما والرضوان الإلهي.