وأصحابه ويشاركونه فيه.
وأمّا إسناد الكفر إلى الجمع في قوله : (وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ) فكذلك.
ومعنى (بَعْدَ إِسْلامِهِمْ) بعد أن أظهروا الإسلام في الصورة ، ولذلك أضيف الإسلام إليهم كما تقدّم في قوله تعالى : (لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ) [التوبة : ٦٦].
والهمّ : نيّة الفعل سواء فعل أم لم يفعل.
ونوال الشيء حصوله ، أي همّوا بشيء لم يحصّلوه والذي همّوا به هو الفتك برسول اللهصلىاللهعليهوسلم عند مرجعه من تبوك تواثق خمسة عشر منهم على أن يترصّدوا له في عقبة بالطريق تحتها واد فإذا اعتلاها ليلا يدفعونه عن راحلته إلى الوادي وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم سائرا وقد أخذ عمّار بن ياسر بخطام راحلته يقودها. وكان حذيفة بن اليمان يسوقها فأحس حذيفة بهم فصاح بهم فهربوا.
وجملة : (وَما نَقَمُوا) عطف على (وَلَقَدْ قالُوا) أي والحال أنّهم ما ينقمون على النبي صلىاللهعليهوسلم ولا على دخول الإسلام المدينة شيئا يدعوهم إلى ما يصنعونه من آثار الكراهية والعداوة.
والنقم الامتعاض من الشيء واستنكاره وتقدّم في قوله تعالى : (وَما تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنا) في سورة الأعراف [١٢٦].
وقوله : (إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ) استثناء تهكّمي. وهو من تأكيد الشيء بما يشبه ضدّه كقول النابغة :
ولا عيب فيهم غير أنّ سيوفهم |
|
بهنّ فلول من قراع الكتائب |
ونكتته أنّ المتكلّم يظهر كأنّه يبحث عن شيء ينقض حكمه الخبري ونحوه فيذكر شيئا هو من مؤكدات الحكم للإشارة إلى أنّه استقصى فلم يجد ما ينقضه.
وإنّما أغناهم الله ورسوله بما جلبه حلول النبي عليه الصلاة والسلام بينهم من أسباب الرزق بكثرة عمل المهاجرين وبوفرة الغنائم في الغزوات وبالأمن الذي أدخله الإسلام فيهم إذ جعل المؤمنين إخوة فانتفت الضغائن بينهم والثارات ، وقد كان الأوس والخزرج قبل الإسلام أعداء وكانت بينهم حروب تفانوا فيها قبيل الهجرة وهي حروب بعاث.