استئناف بياني لجواب سؤال مقدّر ينشأ عن تهويل القعود عن الغزو وما توجّه إلى المخلّفين من الوعيد. استيفاء لأقسام المخلّفين من ملوم ومعذور من الأعراب أو من غيرهم.
وإعادة حرف النفي في عطف الضعفاء والمرضى لتوكيد نفي المؤاخذة عن كلّ فريق بخصوصه.
والضعفاء : جمع ضعيف وهو الذي به الضعف وهو وهن القوة البدنية من غير مرض.
والمرضى : جمع مريض وهو الذي به مرض. والمرض تغيّر النظام المعتاد بالبدن بسبب اختلال يطرأ في بعض أجزاء المزاج ، ومن المرض المزمن كالعمى والزمانة وتقدم في قوله : (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ) في سورة النساء [٤٣].
والحرج : الضيق ويراد به ضيق التكليف ، أي النهي.
والنصح : العمل النافع للمنصوح وقد تقدّم عند قوله تعالى : (لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ) في سورة الأعراف [٧٩] وتقدّم وجه تعديته باللام وأطلق هنا على الإيمان والسعي في مرضاة الله ورسوله والامتثال والسعي لما ينفع المسلمين ، فإنّ ذلك يشبه فعل الموالي الناصح لمنصوحه.
وجملة : (ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ) واقعة موقع التعليل لنفي الحرج عنهم وهذه الجملة نظمت نظم الأمثال. فقوله : (ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ) دليل على علّة محذوفة. والمعنى ليس على الضعفاء ولا على من عطف عليهم حرج إذا نصحوا لله ورسوله لأنّهم محسنون غير مسيئين وما على المحسنين من سبيل ، أي مؤاخذة أو معاقبة والمحسنون الذين فعلوا الإحسان وهو ما فيه النفع التامّ.
والسبيل : أصله الطريق ويطلق على وسائل وأسباب المؤاخذة باللوم والعقاب لأنّ تلك الوسائل تشبه الطريق الذي يصل منه طالب الحقّ إلى مكان المحقوق ، ولمراعاة هذا الإطلاق جعل حرف الاستعلاء في الخبر عن السبيل دون حرف الغاية. ونظيره قوله تعالى : (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً) [النساء : ٣٤] وقوله : (فَما جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً) كلاهما في سورة النساء [٩٠]. فدخل في المحسنين هؤلاء الذين نصحوا لله