فهذه ثلاث فوائد في فائدة.
الخامسة : إذهاب غيظ قلوب فريق من المؤمنين أو المؤمنين كلّهم ، وهذه تستلزم ذهاب غيظ بقية المؤمنين الذي تحملوه من إغاظة أحلامهم وتستلزم غيظ قلوب أعدائهم ، فهذه ثلاث فوائد في فائدة.
والتعذيب تعذيب القتل والجراحة. وأسند التعذيب إلى الله وجعلت أيدي المسلمين آلة له تشريفا للمسلمين.
والإخزاء : الإذلال ، وتقدّم في البقرة. وهو هنا الإذلال بالأسر.
والنصر حصول عاقبة القتال المرجوّة. وتقدّم في أول البقرة.
والشفاء : زوال المرض ومعالجة زواله. أطلق هنا استعارة لإزالة ما في النفوس من تعب الغيظ والحقد ، كما استعير ضدّه وهو المرض لما في النفوس من الخواطر الفاسدة في قوله تعالى : (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) [البقرة : ١٠] قال قيس بن زهير :
شفيت النفس من حمل بن بدر |
|
وسيفي من حذيفة قد شفاني |
وإضافة ال (صُدُورَ) إلى (قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ) دون ضمير المخاطبين يدلّ على أنّ الذين يشفي الله صدورهم بنصر المؤمنين طائفة من المؤمنين المخاطبين بالقتال ، وهم أقوام كانت في قلوبهم إحن على بعض المشركين الذين آذوهم وأعانوا عليهم ، ولكنّهم كانوا محافظين على عهد النبي صلىاللهعليهوسلم ، فلا يستطيعون مجازاتهم على سوء صنيعهم ، وكانوا يودّون أن يؤذن لهم بقتالهم ، فلمّا أمر الله بنقض عهود المشركين سرّوا بذلك وفرحوا ، فهؤلاء فريق تغاير حالته حالة الفريق المخاطبين بالتحريض على القتال والتحذير من التهاون فيه. فعن مجاهد ، والسدّي أنّ القوم المؤمنين هم خزاعة حلفاء النبي صلىاللهعليهوسلم ، وكانت نفوس خزاعة إحن على بني بكر بن كنانة ، الذين اعتدوا عليهم بالقتال ، وفي ذكر هذا الفريق زيادة تحريض على القتال بزيادة ذكر فوائده ، وبمقارنة حال الراغبين فيه بحال المحرضين عليه ، الملحوح عليهم الأمر بالقتال.
وعطف فعل (وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ) على فعل (وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ) ، يؤذن باختلاف المعطوف والمعطوف عليه ، ويكفي في الاختلاف بينهما اختلاف المفهومين والحالين ، فيكون ذهاب غيظ القلوب مساويا لشفاء الصدور ، فيحصل تأكيد الجملة الأولى بالجملة الثانية ، مع بيان متعلّق الشفاء ويجوز أن يكون الاختلاف بالمصداق مع اختلاف