علاقة النتائج بالمقدمات ، بنسبة غالبة.
وقد لا يرد في هذا المجال الاعتراض الذي يقول كيف يقدم الله المسألة بأسلوب الترقّب الذي يعني إمكانية التذكّر والخشية من قبل فرعون ، مع أن الله يعلم بأن فرعون لا يقبل الانفعال بالكلمات الهادئة الرسالية التي يلقيها موسى وهارون عليه ..
إن المسألة ، في ملاحظتنا للموضوع ، هي أن الترجّي كان بلحاظ طبيعة الأسلوب لا بلحاظ خصوصية الشخص والموقع ، والله العالم.
(قالا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا أَوْ أَنْ يَطْغى) وكانت قوة فرعون وسطوته وجبروته في وعيهما ، حيث عاشاه في الواقع الظالم القاسي الذي كان يمثل الظلم كأبشع ما يكون ، والطغيان كأقسى ما يكون. ولذلك فقد كانا يخافان ألا يستمع إليهما ولا يستقبلهما ، لأنهما لا يملكان أمامه أي موقع اجتماعي متقدم ، يسمح لهما بمقابلته والجلوس إليه ، فكيف يتمكنان إذا من مواجهته بالموعظة والنصح والدعوة إلى الإيمان ، وما يستلزمانه من التنازل عن امتيازاته؟ لقد كانت التجربة شبه مستحيلة ، ولهذا أعلنا خوفهما هذا أمام الله بأن يتقدم إليهما بالعقوبة ، ويطردهما ولا يسمح لهما بالحديث وإتمام الدعوة ، وتقديم الحجة ، أو يتجاوز الحد في ظلمه لهما أو لقومهما باللجوء إلى وسائل ضاغطة قاسية.
وربما أثار بعض المفسرين الرأي القائل ، إن هذه الآية لا تنسجم مع الجو الذي توحي به آية سورة القصص : (سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما) [القصص : ٣٥] إذ إنها توحي بأن الله قد أعطاهما الأمان في مثل هذا الموقف فكيف يخافان بعد ذلك؟ والجواب أن آية القصص تمثل اختصار الموقف الذي فصلته هذه الآية على الطريقة القرآنية التي تشير إلى جزئيات الموقف في مورد ، وتهمله في مورد آخر ، وربما كان الأمر