بالأصالة وتسير بكم على هدى الخط المستقيم في الحياة. (كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ) من المن والسلوى وغيرها مما أفاضه الله عليكم من ثمار الأرض وأنعامها ، (وَلا تَطْغَوْا فِيهِ) فتوجهوه إلى ما حرمه الله عليكم ، أو تكفروا النعمة فيه ، فتمتنعوا عن شكرها ، (فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي) الذي يطال كل عبادي المنحرفين عن خط الحق في رسالة الله ، ويمتنعون عن شكر النعمة في خط الإيمان ، (وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى) في مهاوي الهلاك والسقوط ، لأن أساس القوة في حياة الإنسان ، هو ما يتصل بقوة الله في وجوده ، فإذا انفصل عن الله ، وكله إلى نفسه ، وإذا غضب الله عليه ، وخرج عن رحمته. خرج عن ثبات الموقف ودخل دائرة الاهتزاز الذي يهوي به إلى مهاوي الدنيا والآخرة.
(وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً) وذلك بأن ينتقل من جو الشرك إلى التوحيد ، ومن جانب الانحراف إلى خط الاستقامة ، ومن حركة الكفر إلى حركة الإيمان والعمل الصالح. وبذلك تكون التوبة عنوانا للتراجع عن كل الماضي الذي لا يلتقي بالله وبرسله ورسالاته ، وتكون مدخلا لاجتناب كل أنواع الكفر والشرك ، والمعصية والانحراف ، (ثُمَّ اهْتَدى) كنتيجة للخط الذي تتحرك فيه التوبة والإيمان والعمل الصالح ، فيكون هو العنوان الذي يحكم حياة الناس في الاهتداء إلى الطريق المستقيم.
وقد لا يكون من الضروري أن يكون العطف ب (ثُمَ) موجبا للتراخي الزماني ، بل يكفي فيه أن يكون هناك ترتيب في طبيعة حركة الأشياء ، تماما كما هي النتيجة والمقدمات ، أو العنوان والمعنون. فإن ذلك هو الملحوظ في ما يستهدفه القرآن من حركة الإنسان بأن تكون انتقالا دائما من الضلال إلى الهدى ، ليكون الثبات والاستمرار في خط الهدى السائر إلى الله.
وهكذا يكون الانفتاح على الهدى والسير في طريقه ، موجبا لغفران الله