إذا استسلما إليه.
وهذا ما يجب أن ينتبه إليه الإنسان في مواقفه العملية ، في ما قد يوسوس إليه الشيطان من التأكيد على حركة الحلم الوردي في مشاعره بطريقة غير واقعية ، مستغلا حالة الاسترخاء الروحي ، والغفلة الفكرية التي يخضع لها في وجدانه ، مما يجعله مشدودا إلى الجانب الخيالي من أفكاره من دون مناقشة لها في قليل أو كثير ، فينحرف من موقع الغفلة لا من موقع الوعي ، ومن أجواء الحلم لا من أجواء الواقع ، كما حدث تماما لآدم وحواء عند ما كانا ينعمان بسعادة الجنة ونعيمها في ظلال عفو الله ورحمته ورضوانه ، يتبوّءان من الجنة حيث يشاءان ، فليس لديهما مشكلة هناك. إلى أن جاء إبليس الذي لم يكن منه إلا أن وسوس إليهما مستغلا جانب الغفلة ، فعزلهما عن الواقع ، ودفعهما إلى التفكير بالخلود والملك الباقي فدفعهما للأكل من الشجرة التي نهاهما الله عنها. ولو فكرا جيدا لعرفا أن الخلود والملك ليسا من الأشياء التي تحصل بفعل الأكل من شجرة ، بل هما نتيجة الإرادة الإلهية التي تملك أمر الموت والحياة ، والملك الباقي أو الفاني ، ولكنهما استسلما للجو الخيالي المشبع بالأحاسيس الذاتية الحالمة.
إن الموقف المتوازن هو الموقف الذي ينطلق من القرار المبني على الدراسة الموضوعية للأشياء ، وعلى النظرة الواقعية لموقعها من المستقبل مما يفرض على الإنسان أن يتخفف كثيرا من أحلامه ، لمصلحة الكثير من أفكاره ومواقفه الثابتة في الحياة.
(فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما) في ما يعنيه ذلك من الإحساس بالعري الذي يعيشان معه الشعور بالعار والخزي في الوقت الذي كانا يتحركان ببساطة من دون مراعاة لوجود شيء في جسديهما يوحي بالستر ، لأن مسألة الخطيئة في أفكارهما وأحلامهما لم تكن واردة في منطقة الشعور لديهما ،