ذهننا الإسلامي ، الفكرة التي تتحدث عن شخصية الأنبياء بالمستوى الذي يوحي بأن هناك أسرارا فوق العادة تكمن في داخل شخصيتهم ، في ما هي الخصائص الذاتية للشخصية. فهناك أكثر من نقطة ضعف خاضعة للتكوين الإنساني في طبيعة الروح والجسد ، ويمكن أن تتحرك لتضع أكثر من وضع سلبيّ على مستوى التصوّر والممارسة.
(وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى) مما يوحي لآدم بأن هذا المخلوق يعيش الذهنية السلبية ضدّه ، (فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ) وسيبذل كل جهده ليكيد لكما بألف طريقة وطريقة ، ثأرا لأنانيته وعصبيته وعنصريته ، فانتبه إليه جيدا وتعامل معه كما يتعامل العدو مع عدوّه ، فيحذر من كل كلماته وخططه ، ولا يستسلم له انطلاقا من طيبة قلب ، أو صفاء روح ، (فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى) لأنه سيحاول أن يبعدك عن رحمة الله كما ابتعد عن ذلك بعصبيته العنصرية ، وإذا لم تنتبه إليه فسيجلب لك الشقاء في مستقبلك القريب والبعيد. ولمّا كان العهد متوجها إلى آدم أفرد الخطاب بالشقاء ، (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى * وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى) فستعيش فيها شبعانا كاسيا ، بعيدا عن حرارة الشمس ، والمراد بعدم الضحو أن ليس هناك أثر من حرارة الشمس حتى تمس الحاجة إلى الاكتنان في مسكن يقي من الحر والبرد.
(فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ) التي إذا أكلت منها أعطتك خلود الحياة التي لا فناء فيها ، (وَمُلْكٍ لا يَبْلى) في ما يشتمل عليه من سلطنة دائمة مطلقة لا تسقط أمام عوامل الاهتزاز والسقوط.
وهكذا حاول الالتفاف على أحلامهما الإنسانية في الخلود والملك الباقي من دون أن يثير فيهما عقدة الخوف من المعصية لله ، ولهذا كان أسلوبه هو أسلوب التحذير الذاتي ، والغفلة الروحية عن النتائج السلبية التي تنتظرهما