سبحانه فينفتح لك الحق كله ، والخير كله ، والكمال كله ، والجلال كله ، بما تمثله كلمة الله من آفاق المطلق الذي لا حدود له ، وهكذا يكون التسبيح بالحمد انطلاقة روحية تخفف من أثقال الجهد الشديد الذي قد يسقط الإنسان من خلاله في حالة من الإعياء ، أو اليأس ، ويقوده ـ بعد ذلك ـ إلى التراجع أو الانسحاب ، لأن اللقاء بالله ـ والعيش معه من خلال الذكر ـ في تسبيح الله وحمده ، يعطي الإنسان الشعور بتجدد القوة وتعاظمها ، وبحيوية النشاط وفعاليته ، ويدفعه إلى الامتداد تحت عناية الله ورعايته ، قبل أن يبدأ يومه ، لتكون بدايته من موقع الاستعداد ليوم عمل رسالي جديد في الدعوة وفي الجهاد ، وقبل أن يبدأ ليلته ، لينفض عنه سلبيات ما عاناه في يومه من صدمات وتحديات ، فلا تترك تأثيرها على مشاريعه في الليل ، وليخطط لنشاط روحي إسلامي في الليل بعيدا عن الانسحاق تحت تأثير الضغوط النفسية والمادية من حوله.
(وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ) فإذا امتد الليل ، وانفتح في أعماق الكون ، فسبح بحمد ربك لتعيش الصفاء الروحي الذي ينفذ إلى فكرك وقلبك ووجدانك من ينابيع النور الإلهي الروحاني الذي يحول الليل إلى إشراقة روحية ممتدة في كل زوايا النفس ، وجنبات العقل ، (وَأَطْرافَ النَّهارِ) أي وسبحه في فترائه التي تتوزّع في مواقيته ، للمقابلة بين الليل والنهار ، تماما كما هي المقابلة بين ما قبل بدايته ونهايته ، ليكون التعبير شاملا للوقت كله في مجملة ، وفي بداياته بطريقة بلاغية. وربما استفاد البعض الإشارة في توزيع التسبيح على الأوقات ، أن المقصود بذلك هو الصلوات الخمس وليس ذلك واضحا من التعبير ، بل ربما نستفيد مما يأتي من التأكيد على الصلاة ، أن الحديث عنها ليس مقصودا هنا ، وإن كان الأمر ممكنا بلحاظ بعض الاعتبارات ، والله العالم.
(لَعَلَّكَ تَرْضى) وتطمئن وترتاح إلى اتصالك بالمبدأ الأعلى في تسبيح وتحميد وتمجيد ومناجاة موصولة بالله ، في رعايته ولطفه ورضوانه ، مما