التفكير المريض الذي يتحرك من مواقع العظمة الفارغة ، المتحرك من حالة الانتفاخ الذاتي التي تحيطكم بمظاهر القوة ، وأوهام الخيال؟ وهكذا يخاطبهم الله بالأسلوب الذي يسخر به منهم.
(قالُوا) وهم يواجهون المصير المحتوم ، في حالة شديدة من الشعور بالإحباط والهزيمة ، والإحساس بالندم ، والشعور بالويل ، في صراخ عميق للشخصية المستكبرة المهزومة في داخلهم ، (يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ) فلم نفكر بالأمور بطريقة واقعية ، تبتعد عن تضخيم الأشياء الهزيلة وتصغير الأشياء الكبيرة ، لأننا فقدنا قدرتنا على وضوح الرؤية ، مما كنا نأخذ به من الخيالات والأوهام المريضة ، والاستسلام للمظاهر الخادعة التي تحيط بنا في عملية استكبار واستعلاء ، (فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ) المتوسلة الذليلة أمام المصير المحتوم ، غير المحكومة بإرادة التراجع والاعتراف ، بل انطلقت من خوف ساحق من النتائج السلبية المرعبة التي تنتظرهم ، (حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً) فحصدناهم وقطعنا وجودهم من الأرض في عملية إبادة واستئصال ، (خامِدِينَ) في حالة سكون ، لا مجال فيها للحركة ، ولا مظهر فيها للحياة.
* * *