لمصلحة شخص معين ، بعد أن جعل الحياة كلها خاضعة للسنن الكونية في وجودها وفي حركتها العامة والخاصة. وهذا ما جعل السؤال ينطلق منه في ما يشبه الصراخ العنيف ، كما توحي الآية.
(قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ) وهذا ما سمعه من الصوت الخفي الذي كان يتحدث إليه دون أن يرى أحدا أمامه ، ولم يكن الله هو من كان يكلمه بل شخص آخر غيره ، قد يكون ملكا ، أو أي شيء آخر ، (هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ) فلن يصعب على الله أن يبدع القدرة فيك وفي زوجتك على إنجاب ولد بعد هذا العمر الطويل ، (وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً) فكيف تواجه فكرة الإنجاب في هذا العمر بما يشبه المفاجأة؟
وربما أراد زكريا أن يشعر بالطمأنينة القلبية إلى أن هذا الوحي الذي يلقى إليه ـ بواسطة هذا الصوت الذي سمعه ولم ير صاحبه ـ هو وحي الله ، وأراد أن يستوثق لقناعته ، فطلب آية لا يستطيع غير الله أن يحققها ، لأنها تتصل بوحدانية القدرة لديه.
(قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً) ترتاح إليها نفسي ويطمئن لها قلبي ، فأعرف أن هذه البشارة ، المعجزة ، هي منك ، وحدك ، حيث تكون هذه المعجزة دليلا أكيدا على المعجزة القادمة ، (قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا) وذلك بأن يحتبس لسانك وتعجز عن النطق طوال هذه المدة ، دون أن يكون وراء ذلك علة أو صدمة ، سوى قدرة الله ، وفي عجزك ذاك آية دالة على أن كل ما بك وما ينتظرك هو من الله ، وذلك مماثل لصوم الصمت الذي كان الناس يقومون به وفاء لنذر ، أو اختيارا. وهكذا تم له ما أراد ، عرف سر قدرة الله في نفسه ، وسر رحمة الله في قصته. وتفاعل الشعور بعظمة؟؟ في نفسه حتى تحول الموقف النفسي عنده ، إلى موقف عملي في الدعوة إلى تسبيح الله في الصباح والمساء ، في ما يوحي به التسبيح من التعبير عن