(وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ) من كلمات الكفر والضلال المتمثلة بجحود أمر الرسالة والمعاد من دون حجة ولا برهان.
إن المسألة التي تفرض نفسها في صراع الحق والباطل هي أن الحق يحمل في داخله عناصر البقاء من حيث انسجامه مع حاجة الحياة ، وطبيعة الأشياء ، بينما يمثل الباطل في حركته ووجوده ، الظروف الاستثنائية الطارئة التي قد تتغذى من أكثر من جهة.
ولهذا فقد يكون من الضروري للعاملين في ساحة الصراع أن يحددوا العناصر المحقة الثابتة لأي موضوع ، وأن يدرسوا الظروف المتصلة به من حيث علاقتها بالصورة والموقع والعمق والامتداد ، لأنها ربما تغير طبيعة الأشياء ، فمسألة الحق والباطل قد تكون نسبية في ما يتعلق بالواقع المتحرك للإنسان ، إذ قد يكون الشيء حقا في زمان أو في موقع ، وباطلا في زمان أو في موقع آخر ، تبعا لحركة المتغيرات من حوله ، حتى لا نقع في سوء التقدير أو الفهم للقضايا عند ما نواجه الأمور في دائرة المطلق ، فيخيل إلينا أن الحق باطل والباطل حق ، لأننا لا نملك مقياس العناصر الثابتة والمتحركة في هذا المجال.
وقد ينبغي لنا أن نواجه الظروف الطارئة التي تمنح الباطل قوة على مستوى الأوضاع والساحات والأشخاص والأزمنة ، لنعرف كيف نحرك الصراع في مواجهتها ، من حيث النظرة إلى طبيعة الفكرة والظروف ، حتى نحدّد الأدوات التي نستعملها في هذا المجال أو ذاك ، لئلا نخطئ من حيث نريد الإصابة ، أو نعتبر الإصابة حركة في مواقع الخطأ.
وربما كان من مشاكل الساحة العملية ، هذه النظرة المطلقة للحق والباطل ، مما يجعل المسألة في دائرة المثال ، فيبتعد بنا عن الدائرة الواقعية التي تتغيّر فيها ملامح الأشياء تبعا لتغير ملامح الظروف المحيطة بها ، ثم هذا