الجنة حتى يطلعه على النار وما فيها من العذاب ، ليعلم تمام فضل الله عليه وكمال لطفه وإحسانه إليه ، فيزداد لذلك فرحا وسرورا بالجنة ونعيمها. ولا يدخل أحد النار حتى يطلعه على الجنة وما فيها من أنواع النعيم والثواب ، ليكون ذلك زيادة عقوبة له على ما فاته من الجنة ونعيمها» (١).
وربما يحتمل أن تكون هذه الآية مع الآية الأخرى بمثابة المستثني والمستثنى منه ، فيطرح الحكم في الجملة الأولى على أساس عام ، ثم تأتي الجملة الثانية لتخرج المتقين من العموم ، وبذلك يكون الحكم في طبيعته الواقعية مختصا بغيرهم. ولا بأس بهذا الاحتمال ، لو لا بعض الإشكال في طريقة استفادته من الآية الثانية (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا) ، حيث إن الظاهر منه هو إخراج المتقين من النار بعد دخولهم فيها ، ويبقى الظالمون فيها (وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا). ولكن من الممكن أن يكون الإنجاء من حيث عدم إدخالهم فيها ، لا إخراجهم منها بعد دخولهم فيها ، وهذا تعبير شائع أن يقول قائل ، بأني نجيت فلانا من الهلاك إذا أبعدته عن مواقعه ومنعته من الدخول فيها. والله العالم.
* * *
__________________
(١) الطبرسي ، الفضل بن الحسن ، مجمع البيان ، في تفسير القرآن ، مؤسسة التاريخ العربي ، ط : ١ ، ١٤١٢ ه ـ ١٩٩٢ م ، ج : ٦ ، ص : ٦٧٩.