الواقعي للإنسان الذي أخذ بهذا المنطق الكافر واستسلم له ، واعتبر أن النتائج التي يترقّبها في الدنيا ستحصل لديه عاجلا أو آجلا ، ولهذا أكّد حصوله على المال والولد في ما يستقبل من حياته.
وقد ورد في بعض التفاسير ، أن هذا الرجل هو العاص بن وائل بن هشام القرشي ثم السهمي ، وكان أحد المستهزئين ، وكان لخباب بن الأرتّ عليه حق فأتاه يتقاضاه ، فقال له العاص : «أو لستم تزعمون أن في الجنة ذهبا وفضة وحريرا؟ قال خباب : بلى ، قال : فأخرني حتى أقضيك في الجنة استهزاء ، فو الله لئن كان ما تقول حقّا ، إني لأفضل فيها نصيبا منك.
ولكن الظاهر أن الآية تتحدث عن كلام الرجل الكافر ، بصيغة الجزم الذي لا يتناسب مع كفره باليوم الآخر ، مما يوحي بأن المسألة تتصل بحصوله على ما يريده في الدنيا ، جريا على المنطق الذي يربط بين الكفر والحصول على النتائج الإيجابيه. وحديث العاص الذي نقله بعض المفسرين لا يتناسب مع مطالبة الرجل بحقه ، كما لا يتناسب مع الآية التي تتحدث عن رغبة ذاتية بعيدة عن مطالب الآخرين عنده.
(أَطَّلَعَ الْغَيْبَ) في ما يأتي به المستقبل ، (أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً) في ما يمكن أن يعتمد عليه من عهد عند الله ، ليطمئن إليه في الحصول على ما يريد؟ (كَلَّا) فليس لديه علم الغيب ، ولا يملك عند الله عهدا ، (سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ) من كلامه المتضمن للكفر ، ومن منطقه الذي يرتكز عليه في آماله ، (وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا) في ما يستحقه منه فيعطيه الله ذلك تبعا لا انقطاع له.
(وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ) فهو الذي يبقى له من دنياه ، ويغني ماله وولده ويتركه خلفه ، (وَيَأْتِينا فَرْداً) ليس معه شيء مما كان يزهو به أو ينتصر به. وينهزم المنطق الكافر الذي كان يرى في الكفر خط السعادة ، بينما يرى في الإيمان خط الشقاء ، ليرى الآن ، أن العاقبة كلها والخير كله للإيمان في الدنيا والآخرة.
* * *