ثم تأتي قصة آدم التي تتكرر في القرآن ، لتربط الناس بالخط الفاصل بين طاعة الله وطاعة الشيطان ، فتثير التاريخ الشرير له مع الإنسان في بداية الخليقة ، وفي المقابل تفتح لهم الآفاق التي تطل بهم على أجواء النجاة والهلاك ، لينطلق الناس في مسئوليتهم من خلال وعيهم للخط الإلهي الرسالي ..
ثم تتنوّع الآيات في لمسات حية مؤثّرة في ما يخاطب الله به رسوله ، ليصبّره على كل التصرفات السلبية التي كان يقوم بها المشركون ضده ، في ما يقولون ويعملون ، وليبقى مع الله في تسبيح دائم في الليل والنهار ، وليصرف نظره عن كل ما حوله من زخارف الدنيا ، وليحترم خصوصيات الآخرين في علاقاتهم فلا يمد نظره إليهم ، ولينطلق مع أهله في صلاة دائمة لله ، لتكون الحياة كلها صلاة روحية تحكم كل الواقع الذي يحيط به وبالناس.
وتنتهي الآية بالتحدّي الكبير الذي يريد الله للرسول أن يطلقه في وجه هؤلاء المتربّصين بالرسول وبالرسالة ، ممن يريدون الشر وبها ، فيخاطبهم بكل قوة : (قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدى) [طه : ١٣٥] ، لأن المسألة تتلخص بنتائجها ونهائيات الأمور هي التي تحدد جدواها ، لأن العاقبة ، مهما اختلفت الأمور ، هي للتقوى التي تمثل الالتزام بالمسؤولية أمام الله تجاه الحياة والكون والإنسان.
* * *