لكن لا ثبوتا خارجيا بل ذهنيا ، ولا على أن يكون الثبوت مأخوذا في الاعتبار ، مع أنّه قد صرّح بذلك في قوله : امتناع خلوّ الماهية عن الوجود لا ينافي اعتبار الماهية الموصوفة بهذا الامتناع وحدها ، وتلك الماهية إذا أخذت لا مع هذا الامتناع يمكن أن يلحقها العدم عقلا.
ونحن لم ندّع أنّ الموصوفيّة ثبوتية بعكس النقيض ، حتى يرد الغلط من باب إيهام العكس ، بل نقول : الموصوفية أمر ثبوتي ؛ لأنّ نقيضها وهو اللاموصوفة أمر عدمي ، وإذا صدق العدم على أحد النقيضين صدق الوجود على النقيض الآخر ؛ لامتناع اجتماع النقيضين والخلو عنهما. ولا نعني بالإيجابية هنا سوى الموجودية ، والموصوفية إذا كانت زائدة على الجسم امتنع أن يكون جوهرا قائما بنفسه ، لأنّها من الأمور الإضافيّة فتكون قائمة بالجسم ، وهو المطلوب.
وكون هذه الأوصاف اعتبارية يفيد المطلوب ؛ لأنّ القصد أنّها لا تكون ثابتة خارجية ، وما ادّعى ثبوته من النسب ، وهي كونها بحيث إذا عقلها عاقل حصل في عقله تلك النسبة أو الإضافة ، ليس بثابت ، بل هو وصف اعتباري عقلي أيضا.
د (١) : سلّمنا تصور أجزاء هذه المنفصلة ، وهي الشيء إمّا أن يكون وإمّا أن لا يكون ، لكن لا نسلّم عدم الواسطة. وبيانه من وجهين :
الأوّل : مسمّى الامتناع إمّا أن يكون موجودا ، أو معدوما ، أو لا موجودا ولا معدوما ؛ لا جائز أن يكون موجودا ، وإلّا لكان الموصوف به موجودا ، لاستحالة قيام الموجود بالمعدوم ، ولو كان الموصوف به موجودا لم يكن الممتنع ممتنعا ، بل يكون إمّا واجبا أو ممكنا. ولا جائز أن يكون معدوما ؛ لأنّه نقيض اللاامتناع الذي يمكن حمله على المعدوم فيكون اللاامتناع عدميا ، فلا يكون الامتناع
__________________
(١) هذا هو الوجه الرابع من الوجوه الدالة على أنّ قولنا : «الشيء إمّا أن يكون وإمّا أن لا يكون» غير يقينية.