عدميا.
ولأنّ الامتناع ماهية متعيّنة في نفسها متميّزة عن سائر الماهيات ، ولو لا ذلك لاستحال إشارة العقل إليها ، وإذا كان كذلك استحال أن يكون نفيا محضا.
فإن قلت : له ثبوت في الذهن.
قلت : هذا باطل ؛ لأنّ الممتنع ممتنع في نفسه ، سواء كان هناك عقل أو لم يكن ، ولأنّ الفرض العقلي إن كان مطابقا فهو المطلوب ، وإلّا كان كاذبا ، وليس كلامنا فيه ، بل فيما يطابق الوجود. ولأنّ الذي في الذهن إن كان موجودا استحال اتّصافه بالامتناع ؛ لأنّ الموجود لا يكون ممتنع الوجود ، وإن لم يكن موجودا لم يكن الامتناع القائم به موجودا ، لاستحالة قيام الموجود بما ليس بموجود ، فثبت أنّ مسمّى الامتناع ليس بموجود ولا معدوم ، وذلك هو الواسطة.
قال أفضل المحققين : الامتناع اعتبار عقلي ، والكلام فيه كما في غيره من الاعتبارات. واللاامتناع إذا حمل على المعدوم لا يكون ذلك الحمل كلّيا ، فإنّ بعض المعدومات غير ممتنع وبعضها ممتنع. ولا يلزم من كون اللاامتناع عدميا كون الامتناع وجوديا ، فإنّ الإنسان وجودي وبعض اللاإنسان أيضا وجودي ، واللاممكن بالإمكان العام عدمي وبعض الممكنات عدمي.
والامتناع نسبة معقولة (١) بين متصور ووجوده الخارجي في التصور ، فليس نفيا محضا ولا شيئا ثابتا في الخارج. وليس في الخارج شيء موصوف بالامتناع لو لا عقل. وليس الامتناع فرض شيء في الخارج حتى يكون جهلا لو لم يطابق الخارج. والمطابق للوجود ، هو عدم ذلك المتصور في الخارج عدما ضروريا لذات ذلك المتصوّر ، فليس الامتناع من حيث هو موجود في العقل بممتنع ، إنّما هو صفة
__________________
(١) في المصدر : «مقبولة».