ثابتة في العقل لمتصور ذهني مقيس إلى وجوده الخارجي ، ولا يلزم من ذلك : القول بالواسطة. (١)
وفيه نظر ، فإنّا إذا حملنا العدم على مفهوم اللاامتناع أو بالعكس ، لا نشير بذلك إلى ما صدق عليه الموضوع في هاتين القضيتين من الأفراد ، بل نعني بذلك نفس مفهوم الموضوع.
والإنسان لما كان وجوديا لم يكن اللاإنسان وجوديا ، وإن كان ما صدق عليه اللاإنسان منقسما إلى وجودي وعدمي. وكذا اللاممكن عدمي ، أي نفس هذا المفهوم لا ما صدق عليه فيكون الإمكان أي المفهوم منه ثبوتيا وبعض ما صدق عليه عدميا.
بقي هنا بحث : وهو أنّ هذا الذي ذكرناه من وجوب صدق أحد النقيضين على مفهوم والآخر على نقيضه ، إنّما يكون في الأمور التي لها تحقّق في الأعيان ، أمّا الأمور الذهنية التي لا تحقق لها في الخارج فلا بحث فيها ، كالوجوب والإمكان والامتناع ، فإنّ الوجوب وقسميه لا تحقق له في الأعيان ولا لنقائضها ، فإنّ اللاوجوب واللاإمكان واللاامتناع مفهومات ذهنية عدمية في الخارج كنقائضها.
الثاني : مسمّى الحدوث وهو الخروج من العدم إلى الوجود غير مسمّى العدم ومسمّى الوجود ، وإلّا لكان حيث صدق مسمّى العدم أو مسمّى الوجود صدق مسمّى الخروج من العدم إلى الوجود ، وهو محال.
وإذا ثبت ذلك فنقول : الآن الذي يصدق فيه على الماهية مسمّى الخروج من العدم إلى الوجود إمّا أن تكون الماهية في ذلك الآن موجودة ، أو معدومة ، أو لا
__________________
(١) نقد المحصل : ٣٦ ـ ٣٧.