زمان العدم فلا ماهية إلّا في التصور العقلي. وكذلك في آن الحدوث ، فإنّ مفهوم الحدوث على ما فسّره ، معنى يدخل فيه ثلاثة أشياء : الوجود والعدم ونسبة بينهما ، ولا شيء ممّا يدخل في مفهومه العدم والنسبة إليه بموجود في الخارج. فالحدوث معنى معقول هو صفة تحصل في العقل عند تعقّل العدم والوجود المرتب عليه في العقل. والماهية الموصوفة بتلك الصفة لا تكون موصوفة بالوجود وحده فلا تكون موجودة في الخارج ، بل إنّما تكون موجودة في العقل ، فلا يلزم من ذلك واسطة بين الوجود والعدم ؛ لأنّ معنى الواسطة أن تكون الماهية في الخارج غير موصوفة بالوجود ولا بالعدم ، وذلك محال ؛ لأنّ كون الماهية في الخارج هو وجودها الخارجي ، فكونها في الخارج غير موصوفة (بالوجود) (١) تناقض.
لا يقال : الجسم في آن انتقاله من السكون إلى الحركة موجود ، وليس بموصوف بالسكون ولا بالحركة ولا يمكن أن يقال : الجسم في ذلك الآن موجود في العقل فقط. فإذن هو في ذلك الزمان لا ساكن ولا متحرّك ، ويلزم منه واسطة بين السكون والحركة المتقابلين.
لأنّا نقول : وجود الحركة لا يمكن إلّا في زمان وكذلك وجود السكون ، فانتفاؤهما عن شيء من شأنه أن يوجد أحدهما فيه يقتضي واسطة بينهما ، لكن الجسم في الآن الذي هو الفصل المشترك بين زمان السكون وزمان الحركة لا يكون من شأنه أن يوجد فيه حركة أو سكون. فلا يلزم من وجوده في ذلك الآن ثبوت واسطة بين الحركة والسكون يكون الجسم موصوفا بها في ذلك الآن. وهذا بخلاف ما نحن فيه ؛ لأنّ الماهية في الآن الذي لا تكون موصوفة بالوجود المحض لا تكون ثابتة ، فإنّ ثبوتها في حال اتصافها بالوجود فقط.
وعلى التقريرين ، الأخذ في الانتقال وانقطاع الانتقال لا يصحّان إلّا إذا كان
__________________
(١) ما بين الهلالين ليس في المصدر ولعلّه زيادة توضيح من العلّامة.