إلى أمرين.
وكذا من يجعله صفة حقيقية تلزمها الإضافة.
ومن يجعله صورة قائمة بالعاقل مساوية للمعقول فكذلك ، لكن في هذا شكّ عند القدماء (١) وهو أنّ العلم إذا كان صورة مطابقة للمعلوم مرتسمة في العالم فإذا كان المعلوم ذاتا قائمة بنفسها فالعلم به يكون مطابقا وداخلا في نوعه ، وإنّما يشاكل الشيء غيره في طبيعة نوعه لو كان مندرجا تحت جنسه ، فإذا كانت الصورة الخارجية جوهرا والصورة الذهنية مساوية لها ومندرجة تحت جنسها الذي هو الجوهر كانت جوهرا. فإذن الصورة العقلية جوهر ، ولا شيء من الجوهر بعرض ، فتلك الصورة ليست عرضا.
لكن (٢) هذا خطأ ، لأنّ جوهرية الجوهر قد عرفت أنّها ليست لأجل كون الشيء موجودا لا في موضوع ، وإلّا لكان الشكّ في وجوده شكا في جوهريته ، وهو محال ، بل الجوهرية إنّما كانت لأجل أنّها ماهية متى وجدت في الأعيان كانت لا في موضوع ، ولا شكّ أنّ الصورة العقلية كذلك ، فإنّها ماهية إذا وجدت كانت لا في موضوع ، وكونها في الحال في موضوع لا ينافي كونها بحال إذا وجدت في الأعيان كانت لا في موضوع ، كما إذا قلنا : المغناطيس هو الذي يجذب الحديد عند قربه منه ، فهذا يصدق عليه وإن لم يكن جاذبا له في حال «عدمه وجذبه» (٣) له ، فكذا هنا.
بقي أنّ يقال : فتكون تلك الصورة حينئذ جوهرا وعرضا معا في الأعيان فيلتزم ذلك ، والمنكر أن يكون الشيء الواحد جوهرا وعرضا ، فأمّا أن يكون باعتبار
__________________
(١) انظر هذا الشكّ وما بعده في المباحث المشرقية ١ : ٤٥٨ ـ ٤٥٩.
(٢) من هنا يبدأ الجواب عن ما قاله القدماء.
(٣) في المباحث : «عدم وجدانه».