لا مزيّة لأحد هما على الآخر في التقدّم الذاتي ، وحينئذ يتم الكلام ؛ لأنّه وإن كان التشخص مقارنا للوجود ، لكن تعرض للحقيقة الموجودة إضافة إلى ذلك الشخص ، فلا يكون للشخصية تقدّم واعتبار في صحة انضياف الحقيقة الموجودة إلى ذلك الشخص ، فلا يلزم عروض الإضافة باعتبار واحد لذات واحدة. (١)
والاعتراض (٢) : انّ الكون عند الشيء والحصول حالة إضافية ، وهي لا تعقل إلّا بين شيئين متغايرين ، ولا يلزم من كون أحد القيدين أعمّ من الآخر في اللفظ والعقد صحّة وجود ذلك العام بدون ذلك الخاص في نفس الأمر ، فإنّ قائلا لو قال : المحركية المطلقة أعمّ من المحركية للغير ولنفسه ، فيلزم صحّة كون الشيء محركا لذاته. وكذا قولنا في شيء إنّه علّة لشيء أو موجد لشيء أعمّ من قولنا إنّه موجد أو علة لشيء آخر غيره ، ومع ذلك لا يصحّ أن يكون الشيء علّة لنفسه ، ولا موجدا لها.
وعن الثاني : أنّ هذا القدر جيّد في كون ذلك المجموع عالما بكلّ واحد من جزئيه ، ولكنّه حينئذ لا يكون عالما بنفسه بل بكلّ واحد من جزئيه ، فأمّا في كونه عالما بنفسه فالإشكال باق.
والوجه في الجواب أن نقول : لا شكّ في أن كون الشيء عالما ومعلوما بالفعل متوقف على حصول العلم بالفعل ، لكن نقول الذات من حيث إنّها صالحة لأن تكون عالمة مغايرة للذات من حيث إنّها صالحة لأن تكون معلومة ، وهذا لا يتوقف على ثبوت العلم ، بل على تصوّره.
__________________
(١) راجع المباحث المشرقية ١ : ٤٦٢ ـ ٤٦٣.
(٢) الاعتراض على الوجه الأوّل من جواب الشيخ.