حقيقة الشخص وماهيته إلى ذلك الشخص بعد وجود حقيقة الشخص ، لكن وجوده بعد شخصيته ، فإذن تلك الحقيقة لا تضاف إلى ذلك الشخص ، إلّا بعد تشخّصها ، فإذن المتشخص هو المضاف إلى الشخص ، فتكون الإضافة حاصلة للذات الواحدة من جهة واحدة.
لأنّا نقول : مسلّم أنّ الحقيقة لا تضاف إلى غيرها إلّا بعد الوجود ، لكن لا نسلّم أنّ الوجود بعد التشخص بل التشخص بعد الوجود ، فإذن التشخص نعت لذلك الشيء ، ووجود النعت متأخر عن وجود المنعوت.
وللسائل أن يقول : الشيء إنّما يكون موجودا إذا كان متميزا عن غيره منفردا بذاته ، ويكون بحيث يمكن أن يشار إليه إشارة عقلية أو حسّية ، وما لم يكن كذلك لم يكن موجودا ، فالتشخص مقدّم على الوجود.
وقولكم : «التشخص وصف فيتأخر وجوده عن وجود الموصوف» باطل بالوجود ، فإنّه وصف ثبوتي وهو زائد على الماهية ، فإن كان ثبوته متأخرا عن ثبوت الموصوف فالماهية موجودة قبل وجودها ، ثمّ الكلام في ذلك الوجود كالكلام في الأوّل ، وذلك يستلزم التسلسل. وإن لم يشترط في عروضه للماهية ثبوتها بطل قولكم : ثبوت الموصوف متقدّم على ثبوت الصفة.
وأجيب : بأنّ الشيء يجب أن يكون متميزا عن غيره حتى يكون موجودا ، لكن لا على أنّه يصير متميزا ثمّ يصير موجودا ؛ لأنّ التميّز لا يكون إلّا بعد الوجود ، وإلّا فيكون قبل الوجود تميّز فتكون الأشياء المعدومة بعضها متميزا عن البعض فتكون موجودة ، هذا خلف. (١) ولكن على أنّه يصير موجودا أوّلا أوليّة بالذات لا بالزمان ثمّ يصير متميزا. أو نقول : الوجود والتميّز كلاهما معا بالذات
__________________
(١) أي أن يكون المعدوم موجودا.