الأوّل : أنّ ذلك الغير لا بدّ وأن يكون مساويا للمعلوم في تمام ماهيته فيلزم اجتماع المثلين ، ولأنّه لا يكون أحدهما بأن يكون معقولا والآخر بأن يكون عاقلا أولى من العكس.
الثاني : إمّا أن يعلم العالم كون الصورة مساوية لذاته فيكون علمه بذاته حاصلا قبل حصول هذه الصورة أو لا يعلم ذلك فلا يكون عالما بذاته ، وإن كان عين ذاته لزم إضافة الشيء إلى نفسه.
وقد أجاب الشيخ الرئيس بوجهين :
الأوّل : معنى التعقّل هو حصول ماهية مجرّدة لشيء وحضورها عنده ، (١) وهذا أعم من كونها حاضرة عند شيء مغاير لها أو نفسها ، فإنّ الكون عند الشيء أعمّ من القسمين ، وعلى هذا التقدير لا يفتقر العلم إلى المغايرة.
الثاني : لو سلّمنا المغايرة ، لكن تشخّص كلّ شخص زائد على ماهيّته ، فإنّ لكلّ شخص حقيقة وشخصية وتلك الشخصية زائدة أبدا على تلك الماهيّة ، وإلّا لاتحدتا في التعقل. ثمّ إن كانت تلك الحقيقة مقتضية لتلك الشخصية كان ذلك النوع منحصرا في ذلك الشخص ، وإلّا وقعت الكثرة فيه ، ولا شكّ أنّ تلك الحقيقة متغايرة للمجموع الحاصل من تلك الحقيقة وتلك الشخصية. وإذا تحقّق هذا القدر من التغاير كفى في حصول الإضافة والصورة المساوية ، فتكون لتلك الحقيقة من حيث هي هي إضافة العالمية إلى ذلك المجموع ، ولذلك المجموع إضافة المعلومية إلى تلك الحقيقة. وبهذا الاعتبار صحّ منّا أن نقول : ذاتي وذاتك.
لا يقال : وجود الشيء متقدّم بالذات على إضافته إلى غيره ، فإذن إضافة
__________________
(١) راجع المباحثات : ٢٦٦ ـ ٢٦٧ ؛ السادس من ثامنة إلهيات الشفاء.