موجودة في ذاته لاستحالة انطباع غيره فيه ، بل إنّما يعلمها إمّا بالإضافة بينه وبين المعلومات كالخالقية والرازقية ، أو بصفات تلزمها الإضافات وجب إذا تغير المعلوم أن تتغير الإضافة خاصة ، وذلك لا يثلم بقاء علمه ، كما في القدرة التي إذا تغير المقدور تغيرت إضافة القادر إليه دون نفس القدرة.
كذا هنا ، إذا علم الله تعالى أنّ زيدا في الدار حال كونه فيها فإذا خرج زيد عنها لم يزل علمه ؛ لأنّ علمه بذلك تعلّق به في الأزل لكن زالت إضافته وصارت الإضافة متعلّقة بخروجه ؛ لأنّه تعلّق علمه بذلك في الأزل أيضا.
وجماعة من مشايخ المعتزلة جعلوا العلم بأنّ الشيء سيوجد هو نفس العلم بوجوده إذا وجد ، إذ لو غايره فإن بقي الأوّل لزم الجهل ، وإن زال لزم عدم القديم.
ولم يدر أنّ الزائل ليس صفة حقيقية ، بل الإضافة المحضة. ولا يمكن العذر بما قاله ؛ لأنّه لو كان كذلك لكان من علم أنّ زيدا سيوجد غدا ثمّ لم يشعر بوجود الغد يلزم أن يعلم أنّ زيدا هو الآن موجود ، والتالي باطل بالضرورة ، فكذا المقدّم.
وأيضا العلم يشترط فيه المطابقة ، وكون الشيء سيوجد مغاير لكونه موجودا بل مناف له ، لأنّ معنى أنّه سيوجد أنّ الذي هو معدوم الآن له وجود وتحقق في الزمان المستقبل ، فكون الشيء سيوجد يشترط فيه العدم الحالي ، وكونه موجودا ينافيه ، وإذا تغايرت الصورتان وتنافيا وجب تغاير الصورة الحاصلة عنهما والإضافة بينهما.