اعترضه أفضل المحققين : بأنّ المبصر هو زيد بغير شك. أمّا الإبصار فهو حصول مثاله في آلة المدرك ، وعدم التمييز بين المدرك والإدراك هو منشأ هذا الاعتراض. (١)
العاشر : كيف يكون الإدراك صورة ذهنية مطابقة لما في الخارج ، والشعور بالمطابقة إنّما يكون بعد الشعور بما في الخارج؟
اعترضه أفضل المحققين : بأنّ المطابقة غير الشعور (٢) بها ، وإنّما اشترط فيه الأوّل دون الثاني.
الحادي عشر : المعقول من السماء ليس بمساو للسماء الموجودة في الخارج في تمام الماهية ، وإلّا لجاز أن يكون السواد مثل البياض في تمام الماهية ؛ لأنّ المناسبة بين السواد والبياض ـ لاشتراكهما في العرضية والحلول في المحل وكونهما محسوسين ـ أتم من المناسبة بين المعقول من السماء الذي هو عرض غير محسوس حال في محل كذلك ، وبين السماء الموجودة التي هي جوهر محسوس موجود في الخارج محيط بالأرض.
اعترضه أفضل المحققين : بأنّ ماهية الشيء هي ما يحصل في العقل من ذلك الشيء نفسه دون عوارضه الخارجة عنه ، ولذلك اشتقت لفظة الماهية من لفظة ما هو ، فإنّ الجواب عنها يكون بها. ولمّا كان كذلك كان معنى قول القائل : «المعقول من السماء ليس بمساو للسماء الموجودة في الخارج» هو أنّ السماء المعقولة المجرّدة عن اللواحق ليست بمساوية للسماء المحسوسة المقارنة إيّاها ، وحينئذ إن أراد بعدم المساواة التجرّد واللّاتجرد كان صادقا ، وإن أراد به أنّ مفهوم السماء نفسه ليس بمشترك بين المجرّدة والمقارنة كان كاذبا. فإن زاد وقال : المعقول
__________________
(١) نفس المصدر : ٣٢٢.
(٢) في المصدر : «المشعور».